للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاطِنيًّا يُقالُ لهُ: أحْمَد بن نَصْرٍ الرَّازِيّ، وكان أخُوه قَتَلَهُ رجال هذا الخُجَنْدِيّ، فدَخَلَ إلى حَلَب، واسْتَدَلَّ على أبي الفَتْحِ الصَّائِغ رَئيس المَلَاحِدَة بها، وكان مُتَمكِّنًا من رِضْوَان، فصَعدَ إلى المَلِك رِضْوَان، وعَرَّفَهُ ما جَرَى بينهم وبين الفَقِيه أبي حَرْب، وأطْمَعَهُ في مالهِ، وأرَاهُ أنَّهُ بَريء من التُّهْمَة في بَابهِ إذْ كان مَعْرُوفًا بعَدَاوَة المُلْحِدة.

فطَمِعَ رِضْوانُ وانْتَهَزَ الفُرْصَة فيه، وطَارَ فَرَحًا، فبَعَثَ بغِلْمَان له يَتَوكَّلُون بهِ، فبَرَز إلى أبي حَرْب عِيسَى الفَقِيهِ أحْمَدُ بن نَصْر الرَّازِيِّ وهَجَمَ عليه، فقال لغِلْمَانهِ وأصْحَابهِ: أليسَ هذا رَفِيْقُنا؟! فقالوا: هو هو، فوقعُوا عليه فقَتَلُوه، وهَجَم جَمَاعَةُ من أصْحَاب أبي الفَتْح البَاطِنيّ الحَلَبِيّ على أبي حَرْب، فقُتِلُوا عن آخرهم، ثمّ قال أبو حَرْب: الغيَاثُ باللهِ من هذا البَاطِنيّ الغَادِر، أمنَّا المَخَاوفَ وَرَاءنا وجِئْنا إلى الأمَنَة، فبعَثَ علينا مَنْ يَقْتُلنا، فرجَعُوا إلى رِضْوَان، فأخْبَرُوه بما قال، فأبْلَسَ.

وصارَ السُّنَّةُ والشِّيْعَةُ إلى هذا الرَّجُل، وأظْهَرُوا إنْكَار ما تَمَّ عليهِ، وعَبَثَ أحْدَاثُهم بجَمَاعَةٍ من أحْدَاث البَاطِنِيَّة فقَتَلُوهم، وأُنْهِي ذلك إلى المَلِك رِضْوَان فلَم يَتَجَاسَر على إنْكَاره.

وأقام الرَّجُل بحَلَب، وكاتَب أتَابِك ظَهِيْر الدِّيْن وغيره من مُلُوك الشَّام، فتَوَافَتْ رُسُلُهم عند رِضْوَان بكُتُبهم يُنْكرون عليهِ ما جاءَهُ في بَابهِ، فأنْكَرَ وحَلَفَ أنَّهُ لَم يكُن له في هذا الرَّجُل نِيَّة.

وخَرَجَ الرَّجُل عن حَلَب مع الرُّسُلِ، فخَيَّرُوه في التَّوَجُّهِ فتَوجَّه نحو الرَّقَّة، وعادَ إلى بَلَدِه، ومَكُثَ النَّاسُ يَتَحدَّثُون بما جَرَى على الرَّجُل، ونَقَص في أعْيُن النَّاسِ، فتَوَثَّبوا على البَاطِنِيَّة من ذلك اليَوْم.

<<  <  ج: ص:  >  >>