أنْبَأنَا أبو اليُمن زَيدُ بن الحَسَن الكِنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ (١) في كتابه، ونَقَلْتُه أنا من خَطِّ العُظَيْميّ، قال: سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، فيها كان السَّيْل الّذي أهْلَكَ عَسْكَر المِصْرِيِّيْن على السَّعْدى وصِلْدِي (٢) قِبْلي حَلَب، وفيها كان قَتْلُ جَعْفَر بن كِلِّيْد.
وفيها انْهَزَم ناصِر الدَّوْلَة، وسُيِّرت العَسَاكرِ مع رِفْق الخَادِم وهو كَارهٌ لذلك، ولقَّبُوه أمير الأُمَرَاء المُظَفَّر، عُدَّة الدَّوْلَة وعِمَادها (٣)، وكان عُمْرُهُ فَوْق الثمَّانيْن، ثَامِن عَشر ذي القَعْدَة من السَّنَة، وشَيَّعَهُ المُسْتَنصِرُ، وسَيَّر معه التَّجمُّل العَظِيم، والعَدَد الكَثِيْر من المَشَارقَةِ والمَغارِبَةِ والعَرَب، وكَاتَب كُلّ مَنْ يلقاهُ من المُقَدَّمِين بأنْ يَتَرجَّلُوا له إذا لَقُوه.
وتوسَّل ثمَال بن صالح إلى الملك قُسْطُنْطِيْن أنْ يُنجدَهُ، فكَتَبَ قُسْطُنْطِيْن إلى المُسْتَنصِر في الصَّفْحِ عن ابن صالح، وقال: إنْ لَم تَقْبَل فيه الشَّفَاعَة اضْطَرُّ إلى نَجْدَته عليك! فوَصَلَ رَسُول المَلِك إلى الرَّملةِ، يَوْم وُصُول رِفْق الخَادِم إليها، فأوْصَلَهُ رِفْقٌ إلى مِصْر، وأعاد الرِّسَالَةَ، وتوقَّفَ الوَزير عن الجَوَاب طَمَعًا أنْ تملكُوا حَلَب، ويستأَنف الجَوَاب، وتَحقَّق المَلِكُ قُسْطُنْطِيْن [من] (a) تَوجُّه العَسَاكِر المِصْرِيَّة، فبَعَثَ إلى أنْطَاكِيَة عَسْكَرًا لحِفْظ الأطْرَاف من نحو حَلَب، وبَعَثَ لثمال بن صالح مالًا عَيْنًا وخلِعًا.