قُلتُ: وقد حُكي عن المُتَوَكِّل أنَّهُ قال: كُلُّ مَنْ غَلَبَتْ كُنْيَتُهُ على اسْمه من وَلدِي فاسْمُه مُحَمَّد.
أنبأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الآبِنوسِيّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ اللّه بن عُثْمان بن يَحْيَى الدَّقَّاقُ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن عليّ بن إسْمَاعِيْل الخُطَبِي، قال: وقد كان المُتَوَكِّل على اللّه بايَع لابنهِ المُعْتز باللّه بالعَهْد والخِلَافَة بعد مُحَمَّد المنتَصر باللّه، وللمُؤيَّد باللّهِ إبْراهيم بن المُتَوَكِّل على اللّه بالعَهْد بعد المُعْتز باللّه، وكان المُؤيَّد مَحْبُوسًا مع المُعْتز فأُخْرج بخُرُوجهِ.
فلَّا بُوْيِعَ المُعْتز باللّه بالخِلَافَة وانتصَب للأمْر والنَّهي والتَّدْبِير، وجَّه أخاهُ أبا أحمد بن المُتَوَكِّل على اللّه إلى بَغْدَاد لحَرْب المُسْتَعِين باللّه، وأوْعَز معه بالجيُوش والكُرَاع والسِّلاح والعُدَّة والآلة، فصَارَ أبو أحْمَد بالجَيْش إلى أكْنَاف بَغْدَاد، وأخَذ مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن طَاهِر في الاسْتِعْداد للحَرْب ببَغْدَاد، وفَي سُور بَغْدَاد وأحْكَمهُ، وحَفَرَ خَنْدَقها وحَصَّنَها.
ونَزَل أبو أحْمَد بن المُتَوَكِّل على اللّه على بَغْدَاد، فَحَضَر المُسْتَعِين باللّه ومَنْ معه من النَّاسِ، ونَصَبَ لهم الحَرْب، وتجرَّد من ببَغْدَاد للقِتَال، فغَدَوا ورَاحوا على الحَرْب، ونُصِبَت المَناجَنيق والعَرَّادَاتُ حَول سُور بَغْدَاد، فلم يَزلِ القِتَال بينهم سَنَةً اثْنا عَشر شَهْرًا، وعَظُمَت الفِتْنَة، وكَثُر القَتْلُ، وغلَت الأسْعار ببَغْدَاد لشِدّة الحِصَارِ، وأضَرَّ ذلك بالنَّاسِ، وجهدُوا.
ودَاهن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن طَاهِر في نُصْرَة المُسْتَعِين، ومَالَ إلى المُعتز وكاتَبَ سِرًّا، فضَعُف أمْرُ المُسْتَعِين، ووَقَف أهْل بَغْدَاد على مُدَاهَنة ابن طَاهِر فصبَّحوا (a)
(a) مهملة في الأصل، وفي تاريخ ابن عساكر ١٨: ٣٠٩: فصيحوا.