للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحُسَين بن عَبْد الأعْلَى، قال: لمَّا قبضَ صالح بن وَصِيْف على الكُتَّاب (١)، شَغَب الأتْرَاكُ على المُعْتَزِّ يَوْم الاثْنَين لثَلاثٍ بَقِينَ من رَجَب، فرَكِبَ صَالِح وبَاكبَاك (a) ومُحَمَّد بن بُغَا المَعْرُوف بأبي نَصْر حتَّى وَافَوا بابَ المُعْتَزّ، فقالُوا: أُخْرُج إلينا، فوجَّه إليهم: إنِّي أخَذْتُ دَوَاءً، فعَاودُوه مَرَّات، فوجَّه إليهم: إنْ كان ما لا بُدَّ منه فادْخلُوا، وهو يُرَى أنَّ أمْرَهُ وَاقفٌ بعدُ، فدَخَلُوا، فجَرُّوا برِجْلِهِ وضَربُوهُ، وأقامُوه في الشَّمْسِ، ثمّ قالُوا له: اخْلَع نَفْسَكَ، قال: نعم، فأُدْخِل حُجْرَةً ووُجِّه إلى ابن أبي الشَّوَارب والفُقَهَاء، فكُتِبَ كتاب الخَلْعِ (٢)، وشَهِدُوا عليه على أنَّ لهُ الأمَانَ ولأُخْتهِ وابْنهِ ولأمِّه.

وكان لقَبِيْحَة سَرَبٌ في الدَّار فَنَجَتْ منه، وفرَّت أُخْتُ (٣) المُعْتَزّ، وكان المُعْتَزّ طلبَ منها مالًا وَقْتَ شَغَبهم عليه، فقالت: ليسَ عنديّ، فقال: إنِّي مَقْتُولٌ! قال: لا يَجْسرُون عليهِ، ووَجَّهُوا بخَلِيفَة سَاتكِيْن إلى بَغْدَاد، فهَجَم على مُحَمَّد بن الوَاثِق، وكان يَنْزل في الجانب الشَّرْقيِّ فأخَذَهُ وحَملَهُ، فوَافَى بهِ سُرَّ مَنْ رَأى لَيْلَة الأرْبَعَاء لليْلةٍ بَقِيَتْ من رَجَب، فبُوْيِعَ من سَاعته وسُمِّي المُهْتَدِي باللّه.

وأُدْخِل المُعْتَزّ إلى المُهْتَدِي يَوْم السَّبْت لثَلاثٍ خَلَوْنَ من شَعْبان، فقال له المُهْتَدي: أَخَلَعْتَ أم خُلِعْتَ؟ قال: خُلِعْتُ، فوُجِيءَ في عُنُقه حتَّى سَقَط، ثُمَّ أُقِيم، فقال: خَلَعْتُ وسَلَّمْتُ ورَضِيْتُ، وسَلَّم على المُهْتَدِي بالخِلَافَة، وأُخْرِج فسَلَّمه صالح إلى نُوشِري بن طَاجبك، فمُشِّي في الحَرِّ، فطَلَبَ نَعْلًا فلَم يُعْطَ، فأرْخَى سَرَاويْلَهُ


(a) تاريخ الطبريّ ٩: ٣٨٩: بايكباك.

<<  <  ج: ص:  >  >>