فمَشَى عليه، وأُخِذَ من مال أُخْته ثَلاثمائة ألف دِيْنارٍ، ونَادَى المُهْتَدي: مَنْ دَلَّ على مالٍ من مالهم فلَهُ نصْفُ العُشْر، فدَلَّ النَّاسُ على أمْوَال كَثِيْرة نحو ألف ألف دِيْنارٍ، فوَفى لهم المُهْتَدي بنصْف العُشْر.
وعُذِّبَ المُعْتَزّ بألْوَان العَذَاب فلم يكُن عنده مال، فأُدْخِل حَمَّامًا ومَنَعُوهُ الماءَ حتَّى اشْتَدّ في الحَمَّام عَطَشُه وقارَبَ التَّلَف، ثمّ أُخْرِج فأُعْطِي ماءً فيه ثَلْجٌ كَثِيْرٌ، فحين جَرعَ منه جُرعًا مات، وذلك يَوْم السَّبْت لعَشْرٍ خَلَوْنَ من شَعْبان، فكانت خِلَافَتُه - مُذْ بَايعُوهُ قَبْلِ خَلْعِ المُسْتَعِين نَفْسَهُ، وذلك يَوْم الجُمُعَة لأرْبَعٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن - ثلاث سِنيْن وستَّة أشْهُر وثلاثةٌ وعشرُون يَوْمًا، وقُتِلَ بعد الخَلْع بأيَّامٍ.
وكانَ مَوْلدُهُ في شَهْر رَمَضَان سَنَة اثْنَتَيْن وثلاثين ومَائتَيْن قبل خِلَافَة أبيهِ. وكان المُهْتَدِي يَقُول قَبْل قَتْلِ المُعْتَزّ: لا يَجْتَمع سَيْفانِ في غِمْدٍ، ولا فَحْلَان في شَوْلٍ.
أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أجَازَ لنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين المَرَاعِيشِيّ وأِبو العَلَاء عليّ بن عبدِ الرَّحيم الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللّه إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة الأزْدِيّ، قال: وفي هذه السَّنَة - يعني سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن - هَاجَ المَوَالِي فخلعُوا المُعْتَزّ بحَضْرَة القُضَاةِ والفُقَهَاء بعد أنْ قَرَّعُوه ووَبَّخُوه، فكانت خِلَافَتُه أرْبَع سِنين وستَّة أشْهُر وأرْبَعة عَشر يَوْمًا، منها بعد خَلْع المُسْتَعِين ثلاث سِنين وستَّة أشْهُر وثلاثة وعِشْرُون يوْمًا، وماتَ عن أرْبَعٍ وعشرين سَنَةً.
ووَافَى مُحَمَّد بن الوَاثِق يَوْم الأرْبَعَاء لليْلةٍ بَقِيَتْ من رَجَب، وهو أبو عَبْد اللّه، وسُمِّي المُهْتَدِيّ، وتَتَبَّع أمْوَال المُعْتَزّ وأخَذَ له مالًا وجَوْهَرًا وطِيْبًا ومَتَاعًا كَثِيْرًا.