صالح بن إبْراهيم الحافِظ، أبو عَبْد الله الأسَدَابَاذِيّ قَدِمَ نَيْسَابُور بعد مُنْصَرَفه من الحَسَن بن سُفْيان سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثِمائة، فسَمِعَ المُسْنَدَ من عَبْد اللهِ بن شِيْرَوُيه، وكَتَبَ عن جَعْفَر الحافِظ وأقْرَانهما، وكان أقام بنيْسَابُور سِنيْنَ، فأمَّا رِحْلَتُه إلى آفاقِ الدُّنْيا فمَشْهُورةٌ.
سَمِعَ أبا خَلِيفَة، وعَبْدَان، وعبد الله بن مُحَمَّد بن نَاجِيَة، وعليّ بن أحْمَد بن سُلَيمان بمِصْر ومَشَايخ الشَّام.
وكان الزُّبَيْر من الصَّالِحين المَذْكُورين المَشْهُورين، الثِّقَات من الحُفَّاظِ، صَنَّفَ الشُّيُوخَ والأبْوَابَ، كَتَبْتُ عنهُ بأَسَدَابَاذ في سَنَة إحْدَى واثْنَتَيْن وأرْبَعين وثَلاثِمائة، ثمّ دَخَلْتُ أَسَدَابَاذ سَنَة سَبْعٍ وسِتِّين وثَلاثِمائة، فحَضَرَني أخُوه أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الوَاحِد، كَتَبْتُ عنهُ وسَألتُهُ عن وَفَاةِ الزُّبَيْر، فذَكَرَ أنَّهُ تُوفِّي بأَسَدَابَاذ غُرَّة ذِي الحِجَّة من سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين، رَحِمَهُ اللهُ، فإنَّهُ كان أحد أرْكَان الحَدِيْثِ.
وكان الزُّبَيْر، رَحِمَهُ اللهُ، من عُمَّال الله (a)، ومن أصْحَاب الحَقَائق، كَتَبَ معي كِتَابًا إلى أبي عليّ الحافِظ يَعظُه فيه، فأوْصَلْتُ الكتابَ واسْتَرجعتُه، وهو عندي بخَطِّه؛ مَنْ نَظَرَ فيهِ عَرِفَ مَحَلّ الزُّبَيْر من الدِّين.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيب (١)، قال: الزُّبَيْر بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء بن صالِح بن إبْراهيم، أبو عَبْد الله الأسَدَابَاذِيُّ، أحَدُ مَنْ رَحَلَ في الحَدِيْثِ، وطَوَّف في البِلادِ شَرْقًا وغَرْبًا؛ فسَمِعَ أبا خَلِيفَة
(a) الأصل: عمال الدنيا، ولا يستقيم بما بعده، والمثبت من تاريخ ابن عساكر ١٨: ٣٣١.