للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدِمَشْق، إذْ أقْبَل زَحْر بن قَيْسٍ حتَّى دَخَلَ على يَزِيد بن مُعاوِيَة، فقال له يَزِيد: وِيْلكَ! ما وَرَاءك، وما عندك؟ فقال: أَبْشِر يا أَمِير المؤمنِيْن بفَتْح الله وبنَصْره (a)، ورَدَ علينا الحُسَينُ بن عليّ بن أبي طَالِب، في ثَمانية عَشر من أهْلِ بَيْتهِ، وسِتّين من شِيْعَتهِ، قال: فسِرْنا إليهم، فسَألْنَاهُم أنْ يَسْتَسْلمُوا ويَنْزلوا على حُكْم الأَمِير عُبَيْدِ الله بن زِيَاد أو القِتَال، فاخْتَارُوا القتَال على الاسْتِسْلَام، فعدَوْنا (b) عليهم مع شرُوق الشَّمْسِ، فأَحَطْنا بهم من كُلِّ نَاحيةٍ، حتَّى إذا أخَذَتِ السُّيُوفُ مأْخَذَها من هَام القَوْم، جَعَلُوا يَهْربُونَ إلى غير وَزَر، ويَلُوذُون منَّا بالآكَام والحُفَر، لواذًا كما لاذ الحَمَائِم (c) من صَقْر، فواللهِ يا أَمِير المُؤْمنِيْن ما هو إلَّا جَزْرَ [جَزُور] (d)، أو نَوْمَةَ قائِل، حتَّى أتَيْنا على آخرهم، فهاتيكَ أجْسَادُهُم مُجَزَّرَة (e)، وثيَابُهم مُرمَّلة (f)، وخُدُودهم مُعَفَّرَة، تَصْهَرهُم الشَّمْس، وتَسْفِي عليهم الريح، زُوَّارهم العِقْبان والرَّخَم، بِقِيٍّ سَبْسَبٍ، قال: فدمعَتْ عَيْنُ يَزِيد، وقال: كُنْتُ أرْضَى من طَاعَتكم بدُون قَتْل الحُسَين، لَعَنَ اللهُ ابن سُمَيَّة! أمَا والله لو أنِّي صَاحِبُه لعَفَوتُ عنه، ورحِمَ اللهُ الحُسَين، ولَم يَصِلْهُ بشئٍ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: اخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل (١)، قال زَحْر بن قَيْسٍ: خَرَجْتُ


(a) الطبري وابن عساكر: ونصره.
(b) ابن عساكر: فغدونا، وما ها هنا موافق للطبري.
(c) ابن عساكر: الحمام.
(d) إضافة من الطبري وابن عساكر.
(e) كذا رسمها في الأصل بإهمال الجيم، والضبط على سجعه، وقد تقدمت في ترجمة الحسين بن علي (الجزء السادس): مجردة، وفي أصول ابن عساكر (مصدر النقل): محررة، واعتمد محققه ما في تاريخ الطبري: مجرَّدة.
(f) الأصل: مزملة، والمثبت عن الطبري وابن عساكر، والثياب المرملة: الملطخة بالدم. لسان العرب، مادة: رمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>