للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال (١): وسار - يعنيِ السُّلْطان المَلِك النَّاصِر - طَالِبًا حَلَب، فنَزَلَ عَلَيْهَا فِي سَادِس عشرين (a) مُحَرَّم سَنة تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وكان أوَّل نُزُوله بالمَيْدَان الأخْضَر، وسَيَّر المُقاتِلَة يُقاتلُونَ، ويُباسطُونَ عَسكَر حَلَب ببَانَقُوسَا وباب الجنَان غُدْوةً وعَشيَّةً، ولمَّا نَزَلَ على حَلَب اسْتَدْعَى العَسَاكِر من الجَوَانِب، واجْتَمَع خَلْقٌ عظيمٌ، وقَاتَلها قِتَالًا شَدِيْدًا، وتحقَّق عِمَادُ الدِّين أنَّهُ ليسَ له به قِبَل، وكان قد ضرسَ من اقْتِرَاح الأُمَرَاء عليه، وجَبْههم، فأشَارَ إلى حُسَام الدِّين طُمَان، رَحِمَهُ اللّهُ، أنْ يَسْفُر لَهُ مع السُّلْطان، قَدَّسَ اللّهُ رُوحَهُ، في إعادةِ بِلَادِه وتَسْليم حَلَب إليهِ.

واسْتَقَرَّت القَاعِدةُ، ولَم يَشْعُر أحدٌ من الرَّعِيَّة ولا من العَسْكَر حتَّى تَمَّ الأمرُ، وانْحْكَمت القَاعدةُ، واسْتَفَاضَ ذلك، واسْتَعْلم العَسْكَر منه ذلك، فأعْلَمَهُم، وأَذِنَ لهم في تَدْبِير أَنْفُسهم، فأنفذُوا عنهم وعن الرَّعِيَّةِ جُوْرديْك (b) النُّوْرِيّ وبلَك (c) اليَارُوْقِيّ، فقَعَدُوا عنه إلى اللّيْلِ، واسْتَحْلفُوه على العَسْكَرِ وعلى أهْل البَلَدِ، وذلك في سَابِع عَشر صَفَر سَنَة تِسْعٍ وسبْعِين.

وخَرَجَتِ العَسَاكِر إلى خِدْمَته إلى المَيْدَانِ الأخْضَر ومُقَدَّموا حَلَب، وخَلَع عليهم، وطَيَّب قُلُوبَهُم، وأقام عِمَاد الدِّين بالقَلْعَة يقضي أشْغَالَهُ، ويَنْقُل (d) أقْمَشَته وخزَانتَهُ، والسُّلْطانُ مُقيمٌ بالمَيْدَان الأخْضَر إلى يَوْم الخَمِيْس ثالث وعَشرين (e) صَفَر.


(a) في النوادر السلطانية: سادس عشر، وفي نسخة منه ما يوافق المثبت.
(b) النوادر السلطانية والتاريخ المَنْصُوري لابن نظيف الحَمَوِيّ ١٤٣: جُرْديك، وذكره ابن الأثير على الوجهين، انظر: التاريخ الباهر ١٣٩ - ١٤٠، ١٩٣.
(c) النوادر السلطانية: زين بلك.
(d) النوادر السلطانية: ونقل.
(e) الأصل: ثالث عشر، والتصوب من كتاب النوادر السلطانية، ويوافقه حساب التاريخ الآتي بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>