للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذلك اليَوْم نزل عِمَاد الدِّين إلى خِدْمته، وسَيَّر (a) معهُ بالمَيْدَان الأخْضَر، وتقرَّرت (b) بينهما قَوَاعِد، وأنْزَلَه (c) عنده في الخَيْمَة، وقدَّم له تقدِمةً سَنِيَّةً وخَيْلًا جَمِيلةً، وخَلَعَ على جَمَاعَة من أصْحَابه.

وسَار عِمَادُ الدِّين من يَوْمِهِ إلى قَرَاحِصَار سَائرًا إلى سِنْجَار، فأقام السُّلْطان بالمُخَيَّم بعد مَسِيْر (٤) عِمَاد الدِّين إلى يَوْم الاثنين سَابِع وعِشْرين صَفَر، ثمّ في ذلك اليَوْم صَعدَ، قَدَّسَ اللّهُ رُوحَهُ، قلعَة حَلَب مَسْرُورًا مَنْصُورًا.

أُنْشِدْتُ لزَنْكي بن مَوْدُود صَاحِب سِنْجَار دُوْبيت (١): [من الدُّوبيت]

[السُّكَّر] (e) صَارَ كَاسِدًا من شَفَتيه … والبَدْرُ تراهُ سَاجِدًا بينَ يَدَيْهِ

والحَسَنُ عليه كُلّ شيء وَافِر … إلَّا فَمُهُ فإنَّهُ ضَاقَ علَيْهِ

تُوفِّي عِمَاد الدِّين زَنْكِي بن مَوْدُود بسِنْجَار [سَنَة أَرْبَعٍ وتِسْعِين وخَمْسمائة] (f)، ودُفِنَ بالمَدْرَسَة الّتي أنْشَأها ظَاهِر مَدِينَة سِنْجَار، رَحِمَهُ اللّهُ.

سَمِعْتُ تَاج الدِّين مُحَمَّد بن خَيْر اللّه النُّفَيْعِي الفَقِيه الحَنَفِيّ بسِنْجَار يقُول لي: رَأيتُ عِمَاد الدِّين زَنْكي بن مَوْدُود بن زَنْكِي صَاحِب سِنْجَار في النَّوْم وهو في هَيْئَةٍ حَسَنةٍ، وثِيَابٍ جَمِيلة، وهو رَاكِبٌ خارج سِنْجَار، سَائرٌ نحو القِبْلَة، فقُلْتُ له: إلى أين؟ فقال: إلى الغَزَاةِ.


(a) النوادر السلطانية: وعزاه وسار معه.
(b) الأصل: وتقرر، والمثبت عن كتاب النوادر السلطانية.
(c) في النوادر السلطانية: وأنزله السلطان.
(d) النوادر السلطانية: سير.
(e) كلمة أخفتها الرطوبة، والمثبت عن ابن سعيد والصفدي.
(f) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر سطر، واستكماله من مصادر ترجمته المتقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>