للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تَدَّعين من حَالِ التَّسْلِيم؟ فقُلتُ: لا بُدَّ من التَّمَسُّحِ بها، فقالت لي نَفْسِي: من جِهَة ذَنَبها، فقُلتُ: لا من جِهَة رَأسها، فأقْبَلتُ فوضَعْتُ مِرْفَقِي عليها، وألصَقْتُ خَدِّي بِخَدِّها فإذا كالتُّرُس، وهي تُقَلِّب عَيْنيها وتَنْظُر إليَّ، ثُمَّ مِلْتُ إلى الماءِ فوضَّأتُ وشَرِبْتُ وقُمْتُ.

قال (١): وحَدَّثَنِي أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى القُرَشِيُّ المُتَعَبِّدُ، قال: حَدَّثَنِي أبو الحَسَن عليّ بن مَيْمُون المُؤدِّبُ الفَقِيْرُ، وكان [من أَصْحَاب الإبْيَانِيّ] (a)، قال: قال أبو بَكْر بن سَعْدُوس: قُلْتُ لزَهْرُون: حَدَّثَنِي كيفَ (b) قِصَّتُكَ مع الأسَد؟ قال: انْحَدَرتُ مَرَّةً من الثّغْرِ [أُريْدُ زِيَارَة] (c) أَبي الخَيْر الأقْطَع، فأخَذْتني السَّماء بمَطَرٍ وَابِلٍ حتَّى كِدْتُ أهْلَكُ وأنا في الصَّحْرَاء، فآوَيْت إلى كَهْفٍ في سَنَد جَبَل فلَم ألْبَث إلَّا قَليلًا، فإذا بأسَدٍ عَظِيم يَزْأرُ، قد سَدّ عليَّ باب المَغَارة، ودَخَلَ فمدَّ يدَهُ، وجَعَل يُحرِّكُ أُذنَيهِ ويُبَصْبصُ إليَّ ويَلْعَقُني بِلِسَانه، فكان في ناحيةٍ من المَغَارهَ وأنا في ناحيةٍ، حتَّى أتَيْتُ على جُزْئي (d) من اللَّيلِ وتَهَجُّديّ، فلا واللّه ما عَدا عليَّ بمَكْرُوهٍ وإنَّهُ معي في المَغَارة كالخَرُوف.

فلمَّا كان في اليَوْم الثَّانيّ، مَرَرتُ ببعض القُرَى، فإذا بامْرأةٍ ما رَأيْتُ قَطّ أجْمَلَ منها ولا أبْهَى، وقد خَرَجَت من دَارٍ، فجَعَلْتُ أنظُر إلى شَكْلِها ومَشْيَتها (e)، حتَّى حَاذَيْتُ كَلْبًا فهَرَّ نَحْوي ونَبَح عليَّ (f)، وقام كالأسَد العَظِيْم وكَبَس (g) عليَّ،


(a) من ق، ومطموسة في الأصل، والإبياني هو: أبو العبَّاس عبد اللّه بن أحْمَد (ت ٣٦١ هـ)، انظر: رياض النفوس ٢: ١٢١ (تعليق المحقق في الهامش ٤٩)، والأعلام للزركلي ٤: ٦٦.
(b) ساقطة من ق.
(c) من ق، ومطموسة في الأصل.
(d) رياض النفوس: حزبي.
(e) لم ترد اللفظة في رياض النفوس.
(f) ساقطة من ق.
(g) مهملة في الأصل، وفي رياض النفوس: وكبش، وهو في أصوله بدون إعجام.

<<  <  ج: ص:  >  >>