للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُفَّاح، فمَّا رآهُ اسْتأنَسَ به، وسَلَّم عليه، فسألَهُ الرَّجُل صاحبُ الشَّجَرة فقال: مَنْ أنتَ؟ فقال له: أنا حَائِذُ بنُ أبي شَالُوم بن العِيْص بن إسْحَاق عليهما السَّلام، قال: فَمن أنْتَ؟ قال: أنا عِمْرَانُ بن فلان بن العِيْص بن إسْحَاق عَليهِ السَّلامُ.

قال: فما الّذي جاءَ بك هُنا يا حَائِذ؟ قال: جئتُ من أجل هذا النِّيْل. فما جاءَ بكَ يا عِمْرانُ؟ قال: جاءَ بي الّذي جاءَ بكَ حتَّى انْتهَيْتُ إلى هذا المَوْضع، فأوْحَى اللهُ إليَّ أنْ قِفْ في هذا المَوْضع، فأنا واقفٌ حتَّى يأتيَني أمْرُهُ.

قال لهُ حَائِذ: أخْبرني يا عِمْرانُ: ما انْتَهى إليك من أمْرِ هذا النِّيْل، وهل بلغَكَ في الكُتُب أنَّ أحدًا من بَنِي آدَمَ يَبْلُغُه؟ قال له: نعم، قد بلغَني أنَّ رَجُلًا من وَلدِ العِيْص يَبلُغُه، ولا أظُنُّه غيركَ يا حَائِذ.

قال له حَائِذُ: يا عِمْران، أخْبرني كيف الطَّريقُ إليهِ؟ فقال له: لَسْتُ أُخْبرُكَ بشيءٍ إلَّا أنْ تَجْعَل لي ما أسألُكَ. قال: وما ذاك؟ قال: إذا رجَعْتَ إليَّ وأنا حيُّ أقَمْت عندي حتَّى يُوحِيَ اللهُ تعالَى إليَّ بأَمْرِه أو يتوَفَّاني فتَدفنَنِيّ، وإنْ وجَدْتَني ميِّتًا دفَنْتَني وذَهَبْتَ، قال: ذلكَ لكَ عليَّ.

قال لَهُ: سِرْ كما أنتَ على هذا البَحْر، فإنَّكَ سَتأْتي على دابَّة تَرى آخرَهَا، ولا تَرَى أوَّلها، فلا يَهُولنَّكَ أمرُها، ارْكَبْها فإنَّها دابَّةٌ مُعادِيَةٌ للشَّمس، فإذا طَلَعَتْ أهْوَت إليها لتَلْتَقِمَها حتَّى يحُول بينها وبينها حُجَابتها (a)، وإذا غَرَبَتْ أهْوَتْ إليها لتَلْتقمَها فتَذْهَب بكَ إلى جانب البَحْر، فَسِرْ عليه رَاجِعًا حتَّى تَنْتَهي إلى النِّيْل. فَسِرْ عليهِ فإنَّك ستَبْلُغ أرْضًا من حديدٍ، جِبَالها وأشْجَارها وسُهُولها حديدٌ، فإنْ أنتَ جُزْتَها وقَعْتَ في أرضٍ من نُحاسٍ، جِبَالها وأشْجَارُها وسُهُولُها من نُحاسٍ، فإنْ أنتَ جُزْتَها وقَعْتَ في أرضٍ من فِضَّة، جِبَالُها وأشْجَارُها وسُهولُها من فِضَّةٍ، فإنْ


(a) كتب في المتن: حجبتها، وصحَّحها في الهامش بما هو مثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>