للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنتَ جُزْتَها وقَعتَ في أرْضٍ من ذَهَبٍ، جِبَالُها وأشْجَارُها وسُهُولُها من ذَهَبِ، فيها يَنْتهي إليكَ علْمُ النِّيْل.

فسار حتَّى انْتهى إلى أرضِ الذَّهَب، فسارَ فيها حتَّى انتَهى إلى سُورٍ من ذَهَب، وشُرَفُهُ من ذَهَبٍ، وفيه قُبَّةُ من ذَهَبٍ، لها أربعَةُ أبواب، فنَظَرَ إلى ماءً يَنْحدِرُ من فَوْقِ ذلك السُّور حتَّى يَسْتقِرَّ في القُبَّةِ، ثمّ يَنْصرف (a) في الأبْواب الأربَعَة، أمَّا ثلاثةٌ فتَغيْض في الأرْضِ، وأمَّا واحدٌ فيَسير (b) على وجْهِ الأرْض، وهو النِّيْلُ، فشَربَ منهُ، واسْتراحَ، وأَهْوَى إلى السُّور ليَصْعدَ، فأتاهُ مَلكٌ فقال: يا حَائِذُ، قِفْ مكانَكَ، قد انْتهى إليك عِلْمُ هذا النِّيْل، وهذه الجَنَّةُ والماءُ يَنْزلُ منها، فقال: أُرِيدُ أنْ أنْظُرَ إلى ما في الجَنَّة، فقال: إنَّكَ لن تَسْتطيعَ دُخُولها اليوم يا حَائِذ، فقال: فأيّ شيءٍ هذا الّذي أَرَى؟ قال: هذا الفلَكُ الّذي يَدُور به الشَّمْس والقَمَر، وهو شبهُ الرَّحى، فقال: إنّي أُريدُ أنْ أرْكَبَهُ فأدُورَ فيه - فقال بعضُ العُلَمَاءِ: إنَّهُ ركبَهُ حتَّى دَار الدُّنْيا، وقال بعهُم: لم يركَبه - فقال لهُ: يا حَائِذُ إنَّهُ سَيأتيكَ من الجَنَّةِ رِزْقُ، فلا تُؤثر عليهِ شيئًا من الدُّنْيا، فإنَّه لا يَنْبغي لشيءٍ من الجَنَّة أنْ يُؤْثَر عليه شيء من الدُّنْيا، إنْ لم تُؤثر عليه شيئًا من الدُّنْيا بقي ما بَقِيْتَ.

فبينما هو كذلك، إذ نَزلَ عليه عُنْقُودٌ من عِنَب فيه ثلاثةُ أصْنافٍ: لَوْن كالزَّبَرْجَد الأخْضَر، ولَوْن كاليَاقُوت الأحْمر، ولَون كاللُّؤْلُؤ الأبيض؛ ثمّ قال: يا حَائِذُ، أمَا إنَّ هذا من حِصْرِم الجَنَّة وليسَ من طَيِّب عِنَبها، فارْجعْ يا حَائِذ، فقد انْتهى إليكَ عِلمُ النِّيْل.


(a) كتب فوقها: "نسخة"، وكتب إزاءها في الهامش ما وجده في نسخة أخرى وهو: "يتفرَّق"، والمثبت موافق لما في حسن المحاضرة للسيوطي، وفي كتاب أخبار الزمان ٢٤٥: فيفرق، وعند ياقوت: يتفرق.
(b) كتب في الهامش: "قال أبو محمد: فينشق".

<<  <  ج: ص:  >  >>