للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أبو مُضَر هذا آخرَهم مُلْكًا، وظَهَرَ في أيَّامِهِ أبو عَبْدِ الله الشِّيْعِيّ، فهَزَم الشِّيْعِيُّ جُيُوشَهُ، وأخَذَ بلادَهُ، فأسْلَم إفْرِيقِيَّة حين عَجِزَ عنها، وفرَّ بما خَفّ معه من الأمْوَالِ والذَّخَائِر، واجْتازَ بطَرابُلُس المَغْرب، فأقام بها تسْعَة عَشر يَوْمًا، وأطْلَق أبا العبَّاس أخا أبي عَبْد الله الشِّيْعِيّ من الحَبْس لإظْهاره البَرَاءةَ من أبي عَبْدِ الله، وأنَّهُ ليس بأخٍ له، ثمّ نَدِمَ على إطْلَاقه.

ولمَّا خَرَجَ أبو مُضَر، ورَقا خَطِيْبُ القَيْرَوان المِنْبَر وخَطَبَ ودَعا للمَهْدِي، فقال: أبو مُحَمَّد عُبَيْد الله (١) المَهْدِيّ بالله أَمِير المُؤْمنِيْن، قام جَبَلَةُ بنُ حَمُّود الصَّدَفِيّ قائمًا وكَشَفَ رأسَهُ حتَّى رآهُ النَّاسُ، ومَشَى من عند المِنْبَر إلى آخرِ الجَامِع، وهو يَقُول: قَطَعُوها قَطَعهم الله، وقام الفُقَهَاءُ ووُجُوهُ البَلَدِ معه، فما حَضَر الجامع أحَدٌ من الأمَاثِلِ بعد ذلك اليَوْم، وأخَذُوا النَّاس بالعُنْف فَمن أجابَ أُكْرِم، ومَنْ أبَى أُهِين وحُبِسَ.


= الإسلام ٧: ٧٩، العبر في خبر مَن غبر ١: ٤٤٧، سير أعلام النبلاء ١٤: ١٩٧ (ذكر عارض أرخ فيه لوفاته)، الوافي بالوفيات ١٥: ١٩ - ٢١، تاريخ ابن الوردي ١: ٣٧٤، ابن خلدون: العبر ٦: ٢٠٨ - ٢١٠، ٧: ٦٣٢ - ٦٤٦ وانظر مشجر نسبه في أمراء الأغالبة (العبر ٧: ٦٤٧)، النجوم الزاهرة ٣: ١٩١، شذرات الذهب ٤: ٢٢، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر ٥: ٣٩٨ - ٣٩٩. وانظر قصيدتان للصنوبري يمدحه فيهما، ديوانه ٢٦٩ - ٢٧١، ٣٤٥ - ٣٤٦.
(١) تقدمت تسميته بعبد الله فيما مرَّ من هذه الترجمة، وجاء اسمه في بعض المصادر (كأخبار ملوك بني عبيد لابن حماد ١٧، ورحلة التّجانيّ ٣٢٠، والمواعظ للقريني ٣: ١٧٨، والعبر لابن خَلدون ٦: ٢٠٨، ٧: ٦٤): عُبيد الله، سمّوه بذلك تصغيرًا له للتحقير وإنكار نسبه، ويخالف ذلك ما ورد على بعض اللّقى من النقود والصّنوج والكتب والتوقيعات التي سُمِّيَ فيها "عبد الله"، ومثله أيضًا ما ذكره الدّاعي إدريس، وهو: من ولد جعفر الصادق، وجد العبيدين الفاطميين أصحاب مصر، ومؤسس دولتهم في المغرب، توفي سنة ٣٢٢ هـ. انظر: سيرة الأستاذ جوذر ٣٤ وما بعدها، القاضي النعمان: افتتاح الدعوة ١٤٩ - ، ٢٩٣، ابن حمّاد: أخبار ملوك ١٧ - ٢٧، الداعي إدريس: تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب القسم الخاص من كتاب عيون الأخبار) ١٤٣، الزِّركليّ: الأعلام ٤: ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>