وإنْ كان ذا بَابٍ شَدِيدٍ وحَاجِبٍ … فعمَّا قَلِيلٍ يَهْجر البابَ حَاجِبُه
ويُصْبحُ بعد الحَجْبِ للنَّاسِ مُفْردًا … رَهِيْنَة بَيْتٍ لم تُسْتَّرْ جَوَانِبهُ
فَنَفْسَكَ أَكْسِبها السَّعَادَة جَاهِدًا … فكُلُّ امْرِئٍ رَهْنٌ بما هو كَاسِبُه
قُلتُ: وهذه الأبيات تَمثَّل بها ابنُ عَبْد الأعْلَى عند مَوْت هِشَامٍ، قد رُويت عن زِيَاد الأعْجَم (١) عنه كما تَرَى، ورُويت عن زَيْد العَمِّيّ عنه، ورُويت عن أبي زَيْد الأعْمَى عنه، وسَيأتي ذِكْر ذلك (٢) في كتابنا هذا إنْ شَاء اللّهُ تعالَى.
أنبأنَا أبو المحاسِن بن الفَضْل بن البَانِياسِيِّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن (٣)، قال: زِيَادُ بن سُلَيم - ويُقال: ابن سُلَيمان، ويُقال: ابنُ سَلْمى - أبو أُمَامَة العَبْدِيّ المَعرُوف بزِيَاد الأعْجَم، موْلَى عَبْدِ القَيْس، ولُقِّب بالأعْجَمِ لعُجْمة كانت في لِسَانه، أدْرَكَ أبا مُوسَى الأشْعرِيّ وعُثْمان بن أبي العَاصِ، وشَهِد معهما فَتْحَ إصْطَخْر، وحَكَى عنهما، حَكَى عنه هِشَام ومُجَبِّر (a) ابنا قَحذَم بن سُلَيمان بن ذَكْوَان البَصْرِيّان، ووفَدَ على هِشَام بن عَبْد المَلِك، وشَهِدَ وَفَاتَهُ بالرُّصَافَةِ.
قَرأتُ بخَطِّ عليّ بن مُوسَى بن إسْحَاق الرَّزَّاز في نَوَادر أبي بَكْرٍ الصُّوْلِيّ، سَمَاع الرَّزَّاز منه، وأنبأنَا به أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي وغيرُه، عن زَاهر بن طَاهِرٍ، عن أبي القَاسِم البندَار، عن أبي أحْمَد القَارئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازةً، قال: وَجَدْتُ بخَطِّ مُصْعَب الزبيرِيّ: قالت ابنَةُ زِيَاد الأعْجَم تَرْثيهِ، ويُقال قَدِيمٌ:[من الكامل]
قد كُنْتَ لي جَبَلًا أَلُوذ بظلِّهِ … فتَرَكتني أمْشِي بأدْرَدَ ضَاحِي