للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسها، فعَظُم ذلك عليها، فوجَّهَتْ إلى ابْنَي أخيْها فأخبرتْهُما بما كان، وقالت: أنا إنْ مَنَعْتُهُ فهو القَتْل، وإنْ أَجَبْتُه فهي الفَضِيْحَةُ، فما الّذي تَرَيانِ؟ فقال لها أحَدُهما: قد رأيتُ رأيًا أعرضُهُ عليك، قالت: قُلْ، قال لها: إنَّ بالقُرْبِ منَّا أبو الوَرْدِ وبِشْرٌ ابْنَا الهُذَيْل بن زُفَر بن الحارِث وهُما في عدَّة من بني كِلَابٍ، ولن يتأخَّر عنهما أحَدُ من قَيْسٍ لو قد احْتَاجا إليهم، فأصير إليهما وأسْتَغِيْثُ بهما، فلعلَّ اللّهَ أنْ (a) يَجْعَل عندَهمُا بعضَ ما نُحبّ، فقالت له: افْعَل وعَجِّلْ عليَّ، قال: فخرَجَ الفَتَى حتَّى أتاهمُا، فشَكا إليهما ما كان من أمرِ الخُرَاسَانِيّ، وسَألهما النَّصْر والمَعُونَة، فقال أحَدُهُما: وما نحن وهذا؟ واللّه لقد كُنْتُ آتي قَوْمَها في الحاجَةِ فأقُوم حتَّى تَشْتَكي رِجْلي، وإنَّ كَلْبًا ليتَمرَّغ على فُرُشِهِم! فقال له أخُوه: دع هذا عنكَ، فوالله لئن تحدَّثِت العَرَبُ بأنَّ هذه المَرْأةَ استغَاثتْ بنا فلم نُغِثْها إنَّهُ للعَارُ الّذى لا نَغْسِل رُؤوسنا منه، قال: فانْطَلِقْ إذًا أنتَ إلى بَالِس واخْفِ أمْرَك، فإنِّي مُصَبِّحكم بمَن تَسرَّع معي من بني كِلاب وغيرِهم، قال: ووجَّهَ إلى مَنْ يليه من قَوْمِه، فما أصْبَح إلَّا في أرْبَعمائة فَارِس، فرَكبُوا حتَّى أتَوا بَالِس فدَخَلُوها ضَحْوَة النَّهَار، فأتَوا دَار الخُرَاسَانيّ، فقيل لهم إنَّهُ في الحَمَّام، فدَخَلُوا عليه الحَمَّام، وقَتَلُوه، وقَتلُوا كُلّ مَنْ وجَدُوا من أصْحَابهِ، وضَبَطُوا بَالِسَ، ووجَّهُوا إلى مَنْ كان حَوْلَهم من وُجُوه قيسٍ فوجَدُوهُم سِرَاعًا، فما أقامُوا إلَّا ثلاث حتَّى صَاروا في نحو من أرْبعة آلافٍ.

قال: وكان زيَادُ بن عَبْدِ الله السُّفْيَانيّ من وَلد أبي سُفْيان، وهو أبو مُحَمَّد زِيَاد بن عَبْد اللّه بن يَزِيد بن مُعاويِة بن أَبي سُفْيان مُقِيم في قَرْيَة من عَمَل قِنَّسْرِيْن، فكَتَبُوا إليه: إنْ يكُن لك بهذا حاجَةُ فأَقْبل إلينا. فلما أتَاهُ كتابهُم دَعَا كُلّ مَنْ كان يليهِ فاتَّبَعَهُ ناسٌ كَثِيرٌ، وكان ذا بأسٍ وذِكْرٍ فيهم، فأتى بَالِس، فخرجُوا


(a) ساقطة من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>