للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلَقُوهُ وبايَعُوهُ، وانْتَشَر الخَبَر في ديار مُضَر وجُنْدَي حِمْصَ وقِنَّسْرِيْن، فجَعَلَتْ قَيْسٌ وغيرها تَقْصدُهم من كُلِّ ناحيةٍ حتَّى صَاروا في قَريبٍ من عَشَرة آلافٍ.

وكان عَبْد الله بن عليّ قد بلَغَ إلى نَهْر أبي فُطرس، فلمَّا أتاهُ خَبَرُ السُّفْيَانِيّ، وما كان من خِلَافِ أهْلِ حِمْصَ وقِنَّسْرِيْن، أمَرَ حينئذٍ بقَتْل كُلّ مَنْ كان معه من بني أُمَيَّة.

وكَتَبَ أبو العبَّاس إلى عَبْدِ الله بن عليّ يأمرُه أنْ يَرْجع إلى حِمْص وقِنَّسْرِيْن لحَرْب السُّفْيَانِيّ وأصْحَابهِ، وكَتَبَ إلى صالح بن عليّ يأمرُه أنْ يتولَّى طَلَب مَرْوَان ففَعَل، وجَعَل على مُقَدِّمته أبا عَوْن.

قال: ورَحَل عَبْد الله بن عليّ راجعًا وقد بيَّضَ أهْل حِمْصَ وأهلُ قِنَّسْرِيْن، ودَعَوا إلى السُّفْيَانِيّ، فأَنْفَذَ إليهم أخاهُ عبد الصَّمَد بن عليّ في ستّة آلاف فلَقُوه، فحارَبَهُم، فهُزِمَ عبدُ الصَّمَد بن عليّ، ورجَع (a) ذلك الجَيْش مَفْلُولًا بعد أنْ قُتِلَ منهم خَلْق كَثِيْر، فسَارَ عَبْدُ الله بن عليّ في جميع عَسْكَره من أهْلِ خُرَاسَان ومَنْ تَبِعَهُ من قَبَائِل اليَمَن حتَّى لقيهم بين حِمْصَ وقِنَّسْرِيْن، فثَبَتُوا، واشْتَدَّ القِتَال، وكَثُر القَتْلُ بين الفَرِيْقَين، وانْحازَ عَبْد الله بن عليّ وأصْحَابُه إلى سَفْح جَبَلٍ كان قَريبًا منهم، فجعلُوهُ ورَاء ظُهُورهم، فكانُوا يَحْملونَ فيقاتلُونَ ثمّ يَرْجعونَ إلى ذلك السَّفْح، فما زالت الحَرْبُ بينهم إلى غرُوب الشَّمْس. ثمّ حَمل عليهم عَبْدُ الله بن عليّ بنَفْسه في خَاصَّة أصْحَابهِ، فولّوا مُنْهَزمين وأخذَهُم السَّيْفُ، فقُتِلَ منهم مَنْ لا يُحْصَى، وانفَضَّ مَنْ أفْلَتَ إلى كُلِّ ناحيةٍ، وقُتِلَ السُّفْيَانِيّ.

قُلتُ: قَوْله: قُتِلَ السُّفْيَانِيّ، يُوْهم أنَّهُ قُتِلَ في هذه الوَقْعَة، ولَم يُقْتَل فيها؛ بل هَرَبَ إلى المَدِينَة، فقُبِضَ عليه وقُتِلَ على ما نُبَيِّنهُ (b).


(a) ساقطة من ق.
(b) بعده في ق: إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>