للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افْتلي (a) ذلك الصُّوفَ بأطْرَاف أصَابعكِ، ثمّ اعْقدِيه على عَضُدها اليُسْرى، ففَعَلَتْ أُمُّها ذلك فكأنَّما نُشِطَتْ من عِقَال.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْلِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن (١)، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَين الرَّازِيّ: أخْبَرَنا أَحْمَد بن عُمَيْر، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن صالح، قال: حَدَّثَني عَبْد الغَفَّار بن إسْمَاعِيْل بن مُعاوِيَة، عن أَبِيهِ، عن أبي يَعْفُور الثَّقَفِيِّ، عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، قال: حَدَّثَني زِيَاد بن النَّضْرِ الحَارِثِيّ، قال: كُنْتُ صَدِيْقًا ليَزِيْد بن مُعاوِيَة قبل أنْ تُفْضِي الخِلَافَة إليه، فلمَّا أفْضَتْ إليه أتَيْتُه، فأكْرَمَنى وأنْزَلني في الدَّار معه، فلمَّا كان ذات يَوْم، اسْتَحمَّ ثمّ جاءَ يَخْطر في مَشْيَته، عليه سَبَنِيَّةٌ مُضَلَّعةٌ كأنَّ جلْدَهُ يَقْطُر دَمًا، فما رأيتُ مَنْظرًا أحْسَن منه، فأُلْقي له كُرْسِيّ فجلَسَ عليه، ثُمَّ قال: يا أبا عُمَرَ، قُمْ فاسْتَحِمَّ، ففكَّرْتُ في نَفْسِي وفي غضُون جلدِي، فقُلْتُ: لا يَرَاها منِّي أبدًا! فقُلتُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إذا أفَضْتُ عليَّ الماءَ أخذَتْني قَشْعَرِيرةٌ، قال: فقال: لا عليك، يا جَارِيَة اسْقيني، قال: فأتَتْه جَارِيَةٌ حَسْناء في يَدِها إناءٌ فيه شَرَابٌ، ما رَأيْتُ شَرَابًا أحْسَنَ منه، قال: فشَرِبَ حتَّى أتى عليه، فقال: يا جَارِيَة، اسْقي أبا عُمَر، قال: فقُلْتُ في نَفْسِي: إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ رَاجعُونَ، الخَمْر ورَبّ الكَعْبَة! قال: فقُلْتُ في نَفْسِي: شرْبَةٌ وأتُوب، قال: فجاءتني بالقَدَح، فشَرِبْتُ فوالله ما سَلْسَلْتُ شَرَابًا قَطّ مثْلَهُ، قال: فلمَّا فرَغْتُ قال: أبا عُمَر؟ قُلتُ: لَبَّيْكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: أتَدْري ما هذا الشَّرَابُ؟ قال: قُلتُ: لا والله يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إلَّا أنِّي لم أُسَلْسِل شَرَابًا مِثْلَهُ، قال: هذا رُمَّان حُلْوَان بعَسَل أصْبَهَان، بزَبِيْب الطَّائِف، بسُكَّرِ الأهْوَاز، بماءِ بَرَدَى.


(a) ق: اقتلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>