للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَرَأتُ في تاريخ أبي زَيْد البَلْخيِّ، قال (١): وأهل الكتاب يَزْعُمُونَ أنَّ أربعَة أنْهارٍ تَخْرجُ من الجَنَّة: سَيْحَانُ وجَيْحاَن والفُرَات والنِّيْلُ.

وقَرَأتُ في قَصِيدَة الأعْلَام المُزْدوجة، من نَظْم أبي عَمْرو القَاسِم بن أبي دَاوُد الطَّرَسُوسيِّ، في ذكر الفُرَاتُ وسَيْحَان وجَيْحاَن: [من الرجز]

ثُمَّ انْشَمَرنْا في الفُرَاتُ الرَّحْب … وادٍ من الجِنَان ذَاتِ الحُجْبِ

أيمن وادٍ ومحَلّ الخِصْب … بالبَرَكَاتِ دهْرَهُ ذُو حَلْبِ

وإنّه يَوْمًا من الأيّام … عَنْ ذَهَبٍ يَحِسُر للأنَامِ

يَنْتَابَهُ قَوْمٌ من الطَّغَامِ … يُقَتَّلُونَ ثمّ في الزِّحَامِ

وقال في تَفْسيره: قال النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم (٢): يَحْسِرُ الفُرَاتُ عن جَبَلٍ من ذَهَب يأتيه شِرَارُ النَّاسِ، فيُقتَل من كُلِّ عَشَرة تِسْعَةٌ. وَسَنذْكُر الحَدِيْث بإسْنَاده في بابٍ (٣) يأتي في كتابنا إنْ شَاءَ الله تعالَى.

ثُمّ ذَكَرَ المِصِّيْصَة وكَفَرْبَيَّا في قَصيْدته، وقال: [من الرجز]

أهْلاهُما خُصَّا ببَأسٍ وجُرَهْ … بَيْنَهما جَيْحَانُ تحت القَنْطَرَة

يَجْري فيَسْقِي يُمْنَةً وَمَيْسَرَةْ … حتَّى تَرَى في البَحْر أفْضَى أَثَرَهْ

ذَاك وسَيْحَان كصَاحِبَيْنِ … حَلَّا من الجَنَّة في المِصْرِيْنِ


(١) البدء والتاريخ (المنسوب للمقدسي) ٤: ٦٠، وسبقت الإشارة إلى تاريخ البَلْخيِّ المنسوب لغيره.
(٢) سنن ابن ماجة ١٣٤٣ (رقم ٤٠٤٦)، مسند ابن حنبل ١٤: ٢٨١ (رقم ٧٥٤٥)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان ١٥: ٨٦.
(٣) الأحاديث التي أحال عليها ويوردها فيما يلي في "باب ذكر ما يتعلَّق بحلب وأعمالها من الملاحم وأمارات الساعة"، ليس فيها لفظ هذا الحديث، خاصة عبارة: "يأتيه شرار الناس".

<<  <  ج: ص:  >  >>