للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُناك، شَاهَدْتُها، ثمّ تَمّده عُيُون أخر في طَريقه، ويَجْري حتَّى يَشُقّ بُحَيَرة قَدَس من عَمَل حِمْص، ويمتدّ من غَربيّ حِمْص، ويأتي إلى الرَّسْتَن، ثمّ يأتي حَمَاة من غربيّها (a)، فيُلاصق دُوْرها، ثمّ يأتي شَيْزَر فيلَصق بسَفْح قَلْعتها ودُوْر المَدِينَة من الغَرْب والشَّمَال، ويمتَدّ إلى أفَامِيَة، ويَخْرج إلى أَنْطاكِيَة فيحفّ بالمَدِينَة من جهَة والغَرب، وينفَصل عنها، فيصُبّ في البَحْر.

وكان يُنْسَب إلى أَنْطاكِيَة، فيقال: الأُرُنْط نَهْر أَنْطاكِيَة، وأمَّا في زَمننا هذا فنسْبَته إلى حَمَاة أكثر. وأهْل حَمَاة لا يَنْتفعُون بمائه في السَّقي والزَّرْرعِ إلَّا بالنَّوَاعِيْر، فإنَّ عامَّة سَقي بسَاتيِنْهم منه بالنَّوَاعِيْر، وكذلك الماء الّذي يَدْخُل إلى مِنازلِهم.

وأمَّا حِمْص، فإنَّ بَساتِيْنها تشرَبُ منه سَيْحًا. وسَاق المُلْك المُجَاهِد شِيرْكُوه ابن مُحمَّد بن شِيرْكُوه - حين كانت حِمْص له - من العَاصِي أنْهَارًا إلى مَدِينَة حِمْص، يَجْري بعضُها في المَسْجِد الجامع والبِيْمَارِسْتان، والمنازل بها، ويَجْري منه في خَنْدَق المَدِينَة والقَلْعَة، وبعض الأنْهَر تسقِي في قُرَى حِمْص.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن رَوَاحَة، عن الحَافِظُ أبي طَاهِر، عن ابن الآنِبُوسيِّ، قال: ذَكَرَ أبو الحُسَيْن بن المُنَادِي في كتاب الحَافِظُ من تأليفه، قال: ومَخْرجُ الُأُرنْد -نَهْر أَنْطاكِيَة- من أرْض دِمَشْق ممَّا يلي طَريق البَرِيد، وهو يَجْري مع الجَنُوب؛ ولذلك يُسَمَّى المَقْلُوب، ثُمَّ يَصيرُ في البَحْر الشَّاميّ.


(a) هكذا في الأصل، وكتب متملِّك النسخة في الهامش: "صوابه: شرقيها. كتبه محمد بن السابق الحوي"، ونهر العاصي يمر بحماة من شرقيها وشماليها، وذكر الحميري في الروض المعطار أن النهر يمر في وسط المدينة. انظر: أبو الفداء: تقويم البلدان ٢٦٢، ابن سباهي زاده: أوضح المسالك ٣٠٠، الحميري: الروض المعطار ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>