للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجميعُ ما ذكَرنا على شَطِّ هذا البَحْر الرُّومِيّ مُتَّصل الدِّيَار، غير منفصلين بماء يَمْنَعُهم أو بحرٍ يقْطَعُهم إلَّا ما ذَكَرنا من الأَنْهار وخَلِيْج القُسْطَنْطِينِيَّة، ومثال هذا البِحْر الرُّومِيّ ومثال ما ذكَرنا من العَمَائر عليه إلى أنْ يَنْتهي إلى مَبْدَأ (ا) الخَلِيْج الآخذ من أُقيانُس (ب) الّذي عليه المَنارة (ج) النُّحاس، ويلي الأعْلَام من طَنْجَةُ وسَاحِل الأنْدَلُس مثلُ الكَرْنِيْب (١) فمقبَضُه الخَلِيْج، والكَرْنيب على صِفَة البَحْر إلَّا أنَّه مُدَوَّر (د) الشَّكل لِمَا ذكَرنا من طوله.

قال (٢): وقد ذكَر أحمدُ بن الطَّيِّب السَّرخَسِيّ في رسالته في البحار والمياهِ والجِبَالِ عن الكِنْدِيّ: أنَّ بَحْر الرُّوم طُوله ستَّة آلاف ميْل من بلاد صُوْر وطَرابُلُس وأَنْطاكِيَة والمُثَقَّب وسَاحِل المِصِّيْصَة وطَرَسُوس وقَلمْيَة إلى مَنَار هِرَقْل، وأنَّ أغْرَضَ مَوضعٍ فيه أرْبَعمائة مِيْلٍ.

وقال (٣): شاهدْتُ أرْبابَ المراكب في البَحْر الرُّومِيّ من الحَرْبِيَّة، والعَمَّالَة؛ وهم النَّواتِيَّةُ، وأصْحَاب الأرْجُل، والرُّؤَسَاءِ، ومَنْ يَلي تَدْبير المَراكبَ والحَرْب فيها، مثل لَاوُن المُكَنَّى بأبي الحَارِث غُلَام زُرَافَة صاحب طَرابُلُس الشَّام من سَاحِل دِمَشْق، وذلكَ بعد الثَّلاثمائة، يُعَظِّمُون طُولَ البَحْر الرُّومِيّ وعَرْضَهُ وكَثْرة خُلْجانه وتَشَعُّبه. وعلى هذا وجدْتُ عَبْدَ الله بن وَزِير صاحب مَدِينَة جَبَلَة من سَاحِلِ حِمْصَ من أرضِ الشَّام، ولم يَبْقَ في هذا الوَقْت -وهو سَنَة اثْنتَيْن وثلاثين وثَلاثِمائة- أبْصَر منهُ بالبَحْر الرُّومِيّ، ولا آنسَ به، وليسَ في مَنْ يركَبُه من أرْباب


(a) الأصل و "ك": مبدأه.
(b) الأصل: أقنابس، "ك": أقياس.
(c) الأصل، "ك": المنار.
(d) في المروج: إلا إنه ليس بمدور!.

<<  <  ج: ص:  >  >>