للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجِبَال، ففَعل ذلك مرارًا وأنا مُسْتَيْقظ، ثمّ نِمْتُ، فرأيتُ كأنَّ الرَّاية بيَدِي، وأنا أمْشِي أمام أهْلِ هذه المَدِينَة، وهم يَمْشُون خَلْفي، فقال أبو صَالح: صَدَقْتَ، حَدَّثَنَا عُمَر بن الخَطَّاب (١)، عن رسُول الله صَلى اللهُ عليه وسَلَّم أنَّه قال: ليسَ من ليلةٍ إلَّا والبَحْرُ يُشْرف على الأرْضِ ثلاث مَرَّاتٍ يَسْتأذنُ الله في أنْ يَنْتضِحَ عليهم، فيَكُفُّه اللهُ: وأمَّا ما رأيتَ من الرَّايةِ فإنَّ تَصْدُق رَؤياك تَفَز بأجر أهل هذه المَدِينَة اللَّيْلة، قال: وكان أبو صَالح مُبَاعدًا لي قبل ذلك، فكأنَّهُ اسْتأنَس بي، فجَعَل يُحَدِّثُني، وذكَر كَلامًا قَطَعْناهُ.

وعلى قُول المَسْعودِيّ (٢)، فيما ذَكَرناهُ عنهُ أنَّ التَّنانِيْن في بَحْر الشَّام كَثِيرْة، فوقَعَ إليَّ ببَغْدَاد من تَصْنِيف أحمد بن مُحَّمد بن إسْحَاق الزَّياَّت، مؤلِّف كِتاب البُلْدان، قال فيه: وقال المُعَلَّى بن هِلالٍ العَوْفِيّ: كُنْتُ بالمِصِّيْصَةِ فسَمِعْتُهم يتحَدَّثوُنَ أنَّ البَحْر ربَّما مَكَثَ أيَّامًا ولَيَالي تَصفقُ أمْواجُهُ، ويُسْمَع له دوِيُّ شَدِيدُ، فَيَقُولُونَ ما هذا إلَّا لشَيءٍ قد آذَى دَوابَّ البَحْر فهي تَصِيحُ إلى الله، قال: فَتُقْبِل سَحابةُ حتَّى تَغِيْبَ في البَحْر، ثُمّ تُقْبل أُخرى حتَّى عدّ سبعَ سَحَاباتٍ، ثمّ ترتفعُ الّتي جاءت آخرهُنَّ وتتبَعُها الّتي تليها والرِّيحُ تُصَفِّقُها، ثمّ يرتَفعْنَ جميعًا في السَّماءِ، وقد أخرجْنَ شيئًا يُرَوْنَهُ أنَّه التَّنِّيْن، حتَّى يَغِيْبَ عنَّا، ونحن نَرَاهَ وننظُر إليه ورأسُهُ في السَّحَاب، وذَنَبهُ يَضْطَرُب، فيُقالُ إنَّهُ تَطْرحه إلى يَأْجُوج ومَأْجوُج، قال: ويَسْكن البَحْرُ عند ذلك.


(١) ابن حنبل: المسند ١: ٢٨٦ (رقم ٣٠٣)، وأبو شجاع الديلي (شيرويه): الفردوس ٣: ٣٨٢ (رقم ٥١٦٥)، ابن الجوزي: العلل المتناهية ١: ٥٢ (رقم ٣٧)، وعند ثلاثتهم (ابن حنبل والديلمي وابن الجوزي): ينتضح بدل ينفضخ، السيوطي: الجامع الصغير ٢: ٤٦٥ (رقم ٧٦٧٦).
(٢) مروج الذهب ١: ١٤٣ - ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>