للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فيها:

وفي حَلَب لمَّا أفَاضَ على الوَرَى … غيُوثَ نَدَىً تَنْهلُّ مِن كَفِّه النَّدِي

دَعَا لِورودِ الجودِ كُلِّ مُفَوَّهٍ … بتَحْبيرِ ألْفَاظِ القَرِيْضِ المُجَوَّدِ

فَجُبْتُ إلَيهِ البِيْدَ فَوْقَ شِمِلَّةٍ … مُضَبَّرَةِ الضَّبْعَينِ مَفْتُولَةِ اليَدِ

وَجِئْتُ كما جاءَ ابنُ حَيُّوسَ مَادِحًا … لأعْظَمِ مَمْدُوحً وأكْرَمِ مُرفِدِ

وسَمِعْتُه يُنْشدهُ أيضًا لنفسِه: [من الطويل]

عَسَى ظبيةُ الوعْسَاء تُدني مَزَارَها … وتَطْوِي بنَشْرِ الأُنْسِ عنَّا نِفَارَها

مَضَى حَيُّها تحتَ الدُّجنَّةِ ظَاعِنًا … وأبْقَى لنَفْسِي وَجْدَها وادِّكَارَها

ولمَّا بِها شَطَّ الفَرِيقُ عن الحِمَى … وأبْعَدَ عَن إجْراعِهِ الميْثِ دَارَهَا

ولَم أَرَ منها جَوَّهُ وَهْوَ مُشْرِقٌ … بشَمْسِ ضُحَىً يَحْكِي الهِلَالُ سَوَارَها

أَطلْتُ وقُوفي في الطُّلُول ولَوْعَتي … يُفَرِّم ماءُ الدَّمْعِ في الصَّدْرِ نَارَها

دِيَارٌ على آثارِها ليْ تشوُّقٌ … أجَدَّ صَبَاباتي بها وأثارَهَا

عَهِدتُ بها الشَّمْسَ الّتي لو جَمَالُها … تُغِيرُ بهِ شَمْسَ الضُّحَى لأغَارَها

فَتَاةٌ فُتاتُ المِسْكِ يَهْتكُ في الدُّجَى … إذ زَارِتِ الصَّبَّ الكَئيْبَ اسْتِتارَها

تَشُدُّ على البَدْرِ المُنِيرِ نِقابَها … وتُرْخي على الغُصْنِ النَّضِيْرِ إزَارَها

ومِن بَعْدِ أيَّامٍ أطَالَ وِصَالُها … إليَّ بها رَوْحَاتِها وابْتِكَارَها

وجَدْتُ اللَّيالِي بالهُمُوم طَوِيلَةً … على مُهْجَتي لمَّا عَدِمْتُ قِصَارَهَا

ومَنْ لي بأنْ يَعْتادَ طَرْفيْ رُقادُهُ … عَسَى طَيْفُها في النَّوْم يُدْني مَزَارَها

ويا حبَّذا بالرَّقْمَتَيْنِ خَمَائِلٌ … هَمَى الغَيْثُ فيها لَيْلَها ونَهَارَها

وأضْحَى بها مَرَّ النَّسِيمِ مُرنَّحًا … بدُرِّ النَّدَى حَوْذَانَها وعَرَارَها

<<  <  ج: ص:  >  >>