للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجة الحُسَيْن كانت حَاملًا، وأنَّها أسْقَطَتْ هناكَ، وطلَبَتْ من الضِّياَع في ذلك الجَبَل خُبْزًا أو ماءً، وأنَّهم شَتَمُوها ومَنَعُوها فَدَعَتْ عليهم، وإلى الآن مَنْ عَمِلَ فيه لم يَرْبَح سوى التَّعَب.

وقِبْليُّ الجَبَل فيهِ مَشْهَدٌ يُعرْفُ بالسِّقْط (١)، وهو يُسَمَّى مَشهَد الدَّكَّة، والسِّقْط يُسَمَّى المُحَسِّن بن الحُسَين.

وسَمِعْتُ بعض شُيُوخ الشِّيْعَة بحَلَب يقول: كان دُعاؤها عليهم: لا أرْبَحَ اللهُ لكُم تِجارة، فما رَبِحوا بعدَها.

قُلتُ: وللشِّيْعَة بحَلَب فيه اعْتقاد عَظيم، ويَنْذرُون له النُّذُور. وتَسْمِيَة السِّقْط بالمُحَسِّن لا أصْل له؛ لأنَّ السِّقْط لا يُسَمَّى، وإنْ كان اسْتَهل وسُمِّيَ، فكان ينبغي أن يَذْكرهُ النَّسَّابُون في كُتُبهم، ومع هذا لم يُذْكر (٢)، اللَّهُمَّ إلَّا إنْ كان الحُسَيْن عَليه السَّلامُ عَزَم على تسميَةِ ما في بَطْن امْرأته المُحَسِّن، فلمَّا أسْقَطَتْ أُطْلِق عليه هذا الاسم، لكن هذا وغيره لم يذكر في كتاب يعتمد عليه، وإنما يتداول الحلبيون ما ذَكَرناهُ.

ولمَّا نَزَلَ الفِرِنْجُ على حَلَب وحَصَرُوها، في سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسِمائَة، نبَشُوا الضَّريح الّذي يُقالُ به السِّقْط في المَشْهَد المذكور، ونَزَلُوا فيه، فلَم يَرَوا فيه شيئًا فأحْرَقُوه، وكان أبو الفَضْل بن الخَشَّاب حينئذٍ يَتَولَّى تَدبير أمْر المَدِينَة في الحِصَار،


(١) ويسمى اليوم مشهد الطرح أو مشهد محسن، وهو غربي حلب على بعد أمتار قليلة من مشهد الحسين. الأسدي: أحياء حلب ٣٥١.
(٢) بل ورد ذكر المحسِّن كثيرًا في العديد من المصادر التاريخية وكتب الأنساب، والإشارة فيها إلى أنه دَرَج (مات) صغيرًا. انظر: المعارف لابن قتيبة ٢١١، أنساب الأشراف للبلاذري (حميد الله) ١: ٤٠٢، تاريخ الطبري ٥: ١٥٣، جمهرة أنساب العرب لابن حزم ١٦، ٣٧ - ٣٨. بل عدَّه بعضهم ضمن الصحابة وساق بإسناده حديثًا. انظر: ابن الأثير: أسد الغابة ٤: ٣٠٨ ـ

<<  <  ج: ص:  >  >>