للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَالِم أحد الأعْيَان المُمَدَّحين والقُوَّاد المَشْهُورين، ودَاره بحَلَب بالزَّجَّاجِين شَرْقِي المَدْرسَة، وإليه تُنْسَبُ الحَمَّام إلى جَانبها المَعْرُوفة بَحَمَّام ابن مُسْتَفَاد وهي دَاثِرَة، ودَاره المَذْكُورَة هي الدَّار المَعْرُوفة بدار ابن الرُّوميّ وهو مُسَاوِر بن مُحَمَّد الرُّوميّ مَمْدُوح المُتَنَبِّي.

وكان صالح بن مِرْدَاس نَزَلَ على حَلَب وحَصَرها وبها سَدِيد المُلْك أبو الحَارِث ثُعْبَان بن مُحَمَّد بن ثُعْبَان في القَصْر الّذي كان مُلَاصِقًا القَلْعَة، وفي القَلْعَة مَوْصُوف الخَادِم الصَّقْلَبِيّ، وهُما في حَلَب من قِبَل الظَّاهر ابن الحاكِم، فوَقَع بين سَالِم بن مُسْتَفَاد وبين مَوْصُوف خَلْف، وكان سَالِم مُتَمكِّنًا بحَلَب، وللحَلَبيِّيْن إليهِ مَيْلٌ، فعَزَمَ مَوْصُوف على قَتْل سَالِم، فجَمَع سَالِم جَمْعًا من الحَلَبِيِّين، وفَتَحَ باب قِنَّسْرِيْن، وخَرَجَ إلى صَالح فأخَذَ منه أمانًا لنَفْسِه ولأهْل حَلَب، وسَلَّم المَدِينَة إلى صالح يَوْم السَّبْت لثلاث عَشرة لَيْلَة خَلَتْ من ذي القَعْدَة من سَنَة خَمْس عَشرة وأرْبَعِمائة.

واحْتَمَى ثُعْبَان في القَصْر ومَوْصُوف في القَلْعَة، ونُصِبَت العَرَّادَات والمِنْجَنِيْقات عليهما، ووَلَّى صالح سَالمًا حلَب وجَعَل إليه الرِّئَاسَة بها، وتَقْدِمَة الأَحْدَاث، ورَتَّبه، وكَاتَبه سُليْمان بن طَوْق على قِتَال القَلْعَة والقَصْر، وسَار صالح إلى قِتَال أَنُوشْتِكِيْن الدِّزْبِرِيّ، فقَلَّ الماء بالقَلْعَة، وعَمَل عليها رَجُل أسود يُعْرْفُ بأبي جُمْعَة، وكان عَرِيف المَصَامِدَة، وكان يَنْزل إلى المَدِينَة، ويَصْعد إلى القَلْعَة، فأفسدَهُ سَالَم بن مُسْتَفَاد وسُليْمان بن طَوْق، فلمَّا جاء أبو جُمْعَة ليَصْعَدَ إلى القَلْعَة في بعضِ الأيَّام، تقدَّمِ مَوْصُوف الخَادِم برَدّ الباب في وَجْههِ فرُدّ، فصَاحَ إلى أصْحَابه فالتَقَت المَصَامِدة والعَبِيْد ونَصَبُوا الصُّلْبان ثلاثة أيَّام، ودَعوا لملِك الرُّوم ولعنُوا الظَّاهرَ، وقَاتَلُوا القَلْعَة، ثُمَّ نَفَروا وحَمَلُوا المَصَاحِفَ على أطْرَاف الرِّمَاح في الأسْوَاق ونادوا: النَّفِيْر، ووَقَع الصَّوْت إلى الحَلَبِيِّيْن، فنَفَروا

<<  <  ج: ص:  >  >>