للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت الإبْرَةُ فيما مَضَى … تَصُون (a) وَجْهِي ثُمَّ أشْعَاري

فأصْبَح الرِّزْقُ بها ضَيِّقًا … كأنَّهُ من ثُقْبها جَارِي

نَقَلْتُ من كتاب المُفَاوَضَة، تأليفُ مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر بخَطِّه، وأخْبَرَنا بهِ إجَازَةً أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ وغيره، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَهْل بن بِشْرَان النَّحْوِيّ، قال: قَرأ علينا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِبُ، قال: حَدَّثني أبو القَاسِمِ الرَّقِّيّ المُنَجِّم، قال: كان السَّرِيّ بني بن أحْمَد الرَّفَّاء يَوْمًا جالِسًا معنا، في دِهْلِيْز سيْفِ الدّوْلَة، فوُصِفَ له دَعْوةً كان فيها، فقال: وكان فيها هِرِيسْة، بكَسْر الهَاءِ، ثُمَّ أنْشَدَنا قَصِيدَة له أوَّلُها (١):

أأُقْحوانًا أرَتْهُ أَمْ بَرَدًا … غَيْدَاءُ يَهْتَزُّ عِطْفُهَا غَيَدَا

حتَّى قال فيها:

لو وَجَدَتْ للفِرَاقِ ما وَجَدَا … لافتقَدَتْ نَوْمَها كما افْتَقَدا

ثُمَّ خَرَجَ الآذِنُ، فدَخَلنا إلى سَيْف الدَّوْلَة، وتَفاوَضْنا الحَدِيْث، وأنْشَدَهُ الشِّعْرَ السَّرِيُّ، فاسْتَطابَهُ واسْتَحْسَنَهُ، قال: فحلَفَ بعضُ الحاضِريْن - قال: وأظُنُّه الفُصَيْصِيَّ - أنَّ سَرِيًّا السَّاعَة كان يُحَدِّثُنا حَدِيثَ دَعْوَة فقال: وكان فيها هِرِيسْة - بكَسْر الهَاءِ - فقال سَيْفُ الدَّوْلَة: وَيْلكَ، مَنْ يَقُول هِرِيْسة يقُول مثل هذا الشِّعْرِ!؟

وفي هذه الأبْيَات (٢): [من المنسرح]

لا تَلْحُ صَبًّا على صَبَابِتِهِ … إذ وَجَدَ الغَيَّ في الهَوَى رَشَدَا


(a) الديوان ومعجم الأدباء والوافي: صائنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>