للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسْحَاق ونحنُ على شُرْبٍ: أشْتَهيِ يا سَيِّدِي أنْ أَمْلِكَ ألفَ دِرْهَمٍ وأمُوتَ، فقال له: اعْمَلْ قَصِيدَةً طَوِيلَةً تَمْدَح بها الوَزِير، يعني أبا الفَضْل العبَّاس بن الحُسَين الشِّيْرَازيّ، فعَمِل قَصِدَةً طَوِيلَةً مِيْمِيَّةً، فأنْشَدَها وَالدِي الوَزِير، وقال له: هذا شَاعِرً يَشْتَهر شِعْرُه، ويَبْقَى على الأيَّام ذِكْرُه، وله فيك آمَالٌ، وخَاطَبَهُ ونازَلَهُ إلى أنْ أَطْلقَ له ثلاثة آلاف دِرْهَم قِيْمتها مائتا دِيْنار، فقَبَضْتُها أنا، وكان السَّرِيُّ نَازلًا عليَّ وسَاكِنًا معي في دَارِي، ولم أُعْلِمه بحصُولها، فلمَّا اجْتَمَعْنا على الشُّرْب رَسَم لي وَالدِي إحْضَار الكِيْس فأحْضَرُته، فلمَّا رَآه كادَ يَمُوتُ فَرحًا، ولَم يَنَمْ تلك اللَّيْلة سُرُورًا، فلمَّا أصْبَح، أخَذَ الدَّرَاهِم ومَضَى.

وغابَ أيَّامًا ثمّ جاءني، وعليه ثِيَاب جُدَد فَاخِرة، من جُمْلتها عِمَامَةٌ طُوْلُها نحو مائهَ ذِرَاع، ودُرّاعَةً وَاسِعَةُ الأكْمَام، تَنْجَرُّ في الأرْض، وخَلْفَهُ غُلَام أمْرَدُ بثِيَابٍ مثل ثِيَابهِ، فضَحِكْنا ضَحكًا خَرَجْنا فيه عن الحَدِّ، وتُوفِّيَ بعد ذلك بأيَّامٍ يَسِيْرة.

وفي شِدَّة فَاقَة السَّرِيّ وفَقْره قال ما أخْبَرَنا به أبو هاشِم عَبْد المُطّلب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مَحَمَّد بن مَنْصُور السّمْعَانيِّ، ح.

وأخْبَرناهُ أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد كتابةً، قالا: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عُبَيْد الله العُكْبَراوي إجَازةً، قال: أنْشَدَنا أبو الفَضْل عَبْدُ الكَريم بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر بن سَنْبك الشَّافِعيّ الفَقِيه الأَزَجِيِّ، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الصَّلْت المُجْبِر، قال: أنْشَدَنا السّرِيّ الرّفَّاء لنَفْسِه (١):

يَكْفِيكَ من جُمْلَةِ (a) أخْبَاري … يُسْرِي في الحُبِّ وإعْسَارِي (b)


(a) الديوان: يُنبيك عن صحة.
(b) الديوان: عُسري من العشق وإيساري.

<<  <  ج: ص:  >  >>