للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْبرَني يَاقُوت بن عَبْد الله الأدِيْب مَوْلَى الحَمَوِيّ، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي عليّ المُحَسِّن بن إبْراهيم الصَّابِئ، قال: أنْشَدَني وَالدِي أبو إسْحَاق، قال: أَنْشَدتُ السَّرِيّ الرَّفَّاء لبَعْضِهم (١):

أبُوكَ الّذي لمَّا أتَى مَرْجَ رَاهِطٍ … ولَد أَلَّبُوا للشَّرِّ فيمَنْ تَألَّبَا

تَشَنَّا إلى الأعْدَاءِ (a) حتَّى إذا انْتَهوا … إلى أمْرِهِ طَوْعًا وكَرْهًا تحَبَّبَا

فلمَّا كان بعد أيَّامٍ أنْشَدَني قَصِيدَةً يَمْدَحُني بها، يقُول فيها (٢):

تَشَنَّا إليَّ الدَّهْرُ قَبْل لقائهِ … فمَّا تَنَافَرْنا إليه تَحَبَّبَا

وتَبَسَّم عند إنْشَادِه هذا البَيْتَ.

قال لي يَاقُوت: ونَقَلْتُ من خَطِّ المُحَسِّن بن إبْراهِم الصَّابِئ: حَدَّثَني السَّرِيُّ بنُ أحْمَد، قال: مَدَحْتُ في الحَدَاثَةِ رَجُلًا، فدَفَعَ إليَّ شَيئًا قَليلًا، وأنْشَدَني بَدِيْهًا (٣):

أَسَرِيُّ شِعْرُكَ بَارِدُ … يُوْفي على بَرْدِ الدَّمَقْ

فإذا حُبِيْتَ فلا تُمَا … كِسْ خُذْ ولو ثَمَنَ الوَرَقْ

قَرأتُ بخَطِّ مُظَفَّر الفَارِقيّ، في كتاب مُحَمَّد بن إسْحَاق النَّدِيْم، الّذي وَسَمَهُ بالفِهْرِسْت (٤)، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّهِ، قال: السَّرِيُّ بن أحْمَد الكِنْدِيّ، من أهْلِ المَوْصِل (b)، كَثِيْرُ السّرِقَة، عَذْبُ الألْفَاظِ، مَلِيْحُ المآخِذ، كَثِيرُ الافْتِنَانِ (c) في التَّشْبِيْهَاتِ والأوْصَافِ، طَالِبٌ لها. ولَم يكُن له رُوَاءٌ ولا مَنْظَرٌ، لا يُحْسِنُ من


(a) ديوان كثير عزة: تشنأ للأعداء.
(b) بعده في كتاب الفهرست: شاعر مطبوع.
(c) ق: الافتتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>