للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُلُوم غير قَوْل الشِّعْر، وقد عَمِل هو شِعْر نَفْسه (a) قَبْل مَوْتهِ نحو ثلاثمائة وَرَقَة، ثُمّ زَادَ بعد ذلك، وقد عَمِلَهُ بعض المُحْدَثِين (b) على الحُرُوف.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي غَالِب بن بِشْرَان، قال: قَرَأ علينا مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر، قال: حَدَّثَني أبو الحَسَن الحَلَبِيِّ، وكان شَيْخًا يَعْرف أخْبَارَ سَيْف الدَّوْلَة، قال: كُنَّا مُجْتَمعين يَوْمًا في دهْلِيز سَيْف الدَّوْلَة، وجَمَاعَة من الشُّعَراء والشُّيُوخ المُتَقدِّمين، كأبي العبَّاسِ النَّاميِّ، وأبي بَكْر الصَّنَوْبَريّ، ومن النَّشْءِ اللَّاحِقيْن كأبي الفَرَج البَبَّغَاء، والخَالِديَّيْن، والسَّرِيّ، فتَذَاكَرُوا الشِّعْر، وأُنْشِدَتْ قَصِيدَةُ المُتَنَبِّي الّتي أوَّلها (١):

فاسْتَحْسَن الجَمَاعَةُ قَوْله في إعْظَام الرَّبْع: [من الطويل]

نَزَلْنا عن الأكْوَارِ نَمْشِي كَرَامَةً … لمَنْ بانَ عنْهُ أَنْ نُلِمَّ بهِ رَكْبَا

فقال السَّرِيُّ: لولا أنَّكُم إذا سَمِعْمُ ما قلْمُهُ بعدَ هذا، ادَّعَيْتُم أنَّني سَرَقْتُهُ منه لأَمْسَكْتُ، وأنْشَد قَصِدَةً لَامِيَّةً قال فيها (٢): [من الكامل]

نَحْفَى ونَنْزِلُ وهو أعْظَمُ حُرْمَةً … من أنْ يُذَالَ برَاكبٍ أو نَاعِلِ

فحَكَم الجَمَاعَةُ له بالزِّيادَةِ في قَوْله: نَخْفَى ونَنْزِلُ.

قَرَأتُ في كتاب لَوَامِع الأُمُور، تأليف أبي إسْحَاق إبْرهيمِ بن حَبِيْب السَّقَطِيِّ (٣)، صَاحِب كتاب الرَّدِيْف، قال في حَوَادِث سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين وثلاثمائة: وفيها مات السَّرِيِّ بن أحْمَد الرَّفَّاءُ الكِنْدِيُّ، من أهْلِ المَوْصِل الشَّاعر،


(a) النديم: عمل شعره. وقوله: "قبل موته" جاء مكررًا في الأصل.
(b) النديم: المحدثين الأدباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>