للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعْتُ القَاضِي شَمْس الدِّين أبا عَبْد اللّه مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر مُذَاكَرَةً يَقُول: مَدَحَ الحَيْص بَيْص الخَلِيفَة بقَصِيدَةٍ، وكَتَبَ معها رُقْعَة يَطْلب جَائِزَة القَصِيدَة بعْقُوبا؛ وهي قَرْيَةٌ عَظِيمَة كانت تكُون إقْطَاع الخُلَفَاء في أيَّام السَّلْجُوقِيَّة، فكَتَبَ الخَلِيفَة على مُطَالَعَتِه: لو! فَخَرَجت المُطَالَعَة فلَم يَفْهَم أحدٌ مَعْنى: لو، فأفْكَر الوَزِير ابن هُبيرَة في ذلك فقال: أرَادَ أَمِير المُؤْمنِيْنَ: [من الكامل]

لَوْ أنَّ خِفَّةَ رَأسِهِ في كَعْبِهِ … لَحِقَ الغَزَالَ ولَم يَفُتْهُ الأَرْنَبُ

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطّلب بن الفَضْلِ، قال: قال لنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيَّ: سَعْدُ بن مُحَمَّد بن سَعْد بن الصَّيْفِيّ التَّمِيْمِي أبو الفَوَارِس المَعْرُوف بحَيْصَ بَيْصَ، شابٌّ فَاضِلٌ، لهُ مَعْرفَةٌ تامَّةٌ بالأدَبِ واللُّغَة، حَسَن الشِّعْر، مَلِيْح الخَطّ، فَصِيْح اللَّهْجَة، سَمِعْتُ أنَّهُ تَفَقَّهَ على القَاضِي مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم الوَزَّان بالرَّيّ، وكان يَحْضُر مَعَنا في دارِ الوَزِير عليّ بن طَرَّاد الزَّيْنَبِيّ، وسَمِعَ بقِرَاءَتي عليه الحَدِيْث، وكَتَبَ لي بخَطِّه شيئًا من شِعْره بسُؤالي إيَّاهُ، وسَمِعْته منه، وسَألتُهُ عن مَوْلدِه فما ذَكَر، وقال: إنِّي أعِيْشُ جِزَافًا.

ذَكَرَ رَفِيْقُنا الحافِظُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار في التَّاريْخ المُجَدَّد لمَدِينَة السَّلام (١)، وأجَازَ لنا الرِّوَايَةَ عنه، قال: سَعْدُ بن مُحَمَّد بن سَعْد بن الصَّيفِيّ التَّمِيْمِيّ، أبو الفَوَارِس، الشَّاعر المَعْرُوف بالحَيْصَ بَيْصَ، كان جَدُّه لأبيهِ قد فَارَق قَوْمَهُ بني تَمِيْم، ونَزَل كَرْخَ بَغْدَادَ، ووُلِدَ أبُوهُ بها ببِرْكَةِ زَلْزَل، ولهذا يقُول وَلَدُه في قَصِيدَةٍ له مُفْتَخِرًا (٢): [من الكامل]

مَلِكٌ ثَوَى بالجَاهِلِيّة رَمْسُهُ … فبَعَثتهُ منِّي ببِرْكَةِ زَلْزَلِ

ووُلِد سَعْد بالكَرْخ بدَرْب مَنْصُور، وطَلَب العِلْم وهو ابن ثَلاث عَشرة


(١) انظر التعريف بالكتاب في الجزء السادس.
(٢) ديوان الحيص بيص ١: ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>