للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الأَحَصّ من المُدُن الخَرِبة: الأَنْدَرِين، وهي مَدِينَة خَرِبَة، مَبْنِيَّة بالحَجَر الأَسْوَد، على شَفِير البَرّبَّة، ويُنسَبُ إليها الخَمرُ، قال (١): [من الوافر]

ألَا هُبِّي بصَحْنِكِ فاصْبَحِينا … ولا تُبْقي خُمورَ الأَنْدَرِيْنَا

مُشَعْشَعَةً كأنَّ الحُصَّ فيها … إذا ما الماءُ خالَطَهَا سَخِيْنَا

وتُنْسَبُ إليها الحِبَالُ أيضًا، قال النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِىُّ (٢): [من الطّويل]

كأنِّي شَدَدْتُ الكُوْرَ حين شَدَدْتُه … على قَارحٍ ممَّا تَضَمَّنَ عَاقِلُ

أَقَبَّ كعَقْدِ الأنْدَرِيَ مُعَقْرَبٍ … حَزابيَةٍ قد كَدَّحَتْهُ المَسَاحلُ

أي: قَاتَلتْهُ الحُمرُ وطَاردَها.

وفي هذا الجَبَل مَدِينَةٌ خَرِبَةٌ، وهي سُورْيَة؛ كانت مَبْنِيَّة بالحَجَر الأَسْوَد، وهي اليَوْم خَرَاب لا سَاكِن بها، ويُعْمل بها القلْي (٣) السُّورْيَانِىِّ، وأظُنُّ اللِّسَان السُّورْيَانيِّ مَنْسُوب إليها، وصَار اسْمُها بعد خَرَابها يَنْطَلق على ناحيةِ قِنَّسْرِيْنَ وحَلَب وأعْمالهما.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل ابن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقَنْدِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَيْن


(١) طالع معلقة عمرو بن كلثوم، ديوانه ٦٤.
(٢) ديوان النابغة الذبياني ١١٦، باختلاف في الرواية، وصدر البيت الأول فيه: كأني شددت الرحل حين تشذرت، وفيه بدل معقرب: مُسحَّج، وبدل كدحته: كدمته.
(٣) القِلْي: يُتَّخذ من شجر الحَمض وشجر الحُرُض بعد أن يصفر آخر الصيف فيعالج ويستخدم لغسل الثياب، كما يستعمله الصباغون، وله منافع طبية. انظر: ابن البيطار، الجامع ٤: ٣١، ابن منظور، لسان العَرَب، مادة: قلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>