للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له المُنْذِر: أَسْمِعْنيّ، فقال له عَبيْدٌ: المَنَايا على الحَوَايا، فأرْسَلَها مثلًا، فعَال له بَعْضُ القَوْم: أَنْشِدِ المَلِكَ هَبلَتْكَ أُمُّكَ، قال: وما قَوْل قائلٍ مَقْتُول! فقال له آخرُ: ما أشَدّ جَزعَكَ من المَوْتِ يا عَبِيْدُ؟ قال: لا يَهْتمّ رحْلكَ منْ ليسَ معك، فأرْسَلَها مثَلًا، أي: لا يَدْخُل في أمْرِك مَنْ لا يهتمّ بكَ، قال له المُنْذِر: قد أمْلَلْتَني فأَرِحْنِي قبل أنْ آمُر بِكَ، قال عَبِيْد: مَنْ عَزَّ بَزَّ، أي: مَنْ غَلَبَ كَسَبَ، فأرْسَلَها مثَلًا، فقال له المُنْذِر: أنْشَدَني (١): [من مخلع البسيط]

أقْفَر من سَاكنه (a) مَلْحُوبُ

فقال عَبِيْدٌ: [من السريع]

أَقْفَر من أهْلهِ عَبيْدُ … فاليَوْم لا يُبْدِي ولا يُعِيْدُ

غَتَّتْ له غتَّةٌ (b) نَكُوْدُ … وحَان منهُ لهما الوُرُودُ

فقال له المُنْذِر: أَسْمِعْني قبل أنْ آمُر بذَبْحِكَ، فأنْشَأَ يَقُول: [من المتقارب]

لا غَرْو من عيْشَةٍ نَافِده

وفي أُخْرى (٢): [من المتقارب]

لا خَيْرَ في عيْشَةٍ نَاكِدَة … وهل غَيْرُ ما سُنَّة واحدَهْ

فأبْلغْ (c) بَنيَّ وأعْمَامَهُمْ … بأنَّ المَنَايا هيَ الرَّاصِدَهْ (d)

لها مُدَّةٌ فنفُوسُ العِبَادِ … إليها وإنْ كرهَتْ (e) قَاصِدَهْ

فلا تَجْزَعُوا بحَمامٍ بنا … فللمَوْتِ ما تَلِدُ الوَالِدَهْ


(a) الديوان: أهله.
(b) الأغاني: عنت … عنة.
(c) الديوان: أوصي.
(d) الديوان: لهم راصده.
(e) الديوان: جهدوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>