أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: قال لنا تاج الإسْلَام أبو سَعْدٍ عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: سَعِيْدُ بن سَهْل بن مُحَمَّد الفَلَكِيّ أبو المُظَفَّر، من أهْلِ نيسَابُور، سَكَنَ خُوارَزْم، ووَلِيَ بها أعْمَالًا سَنيَّةً إلى أن صَارَ المُتَصرِّف فيها، وكان يَصْدُر صَاحِبُ خُوارَزْم عن رَأيه، ويُشَاورُه في مهمَّاتهِ، واسْتَوْزَرَه.
وكان حَسَنَ التَّدْبِير، ذا رَأي وكِفَايَة وشَهَامَةٍ، ومع هذه الكِفَايَة في الأُمُور الدُّنْياويَّة خَيِّر، حَسَن السِّيْرَة، كَثِيْر البَذْلِ والإنْفاق على أهْل القُرْآن والصَّلَاح، يَشْتَغل في أكْثَر أوْقَاتهِ بقرَاءة القُرْآن والعِبَادَة، ويَجْهد أنْ يَأكُل من الحَلَال، وَرَد بَغْدَاد حَاجًّا نُوَبًا عدَّةً؛ منها في سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة، وكُنْتُ بها ولَقِيتُه.
سَمِعَ بنَيْسَابُور أبا الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد المَدِيْنِيِّ، وأبا عليّ نَصْر اللّهِ بن أحْمَد بن عُثْمان الخُشْنَامِيِّ وغيرهما، وكُنْتُ قد نَفذت إليهِ جُزءًا من سَمَرْقَنْد إلى خُوارَزْم من مَسْمُوعَاته، وكان يَقْرأ الحُلْيَة، واسْتَجَزْتُ منهُ، وظَنِّي أنَّهُ أجازَ لي لأنِّي لمَّا رَأيتُه ببَغْدَاد ما عرفْت أنَّهُ سَمِعَ شَيئًا من الحَدِيْثِ حتَّى أكْتُب عنه أو أسْتَجِيْز، وكان يَسْألُني الرُّجُوع إلى خُرَاسَان والمُصَاحبةَ في الطَّريق فلَم يتَّفق ذلك.