للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَ رَفِيْقُنا الحافِظ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار في التَّاريِخ المُجَدَّد لمَدِينَة السَّلام (١)، وأجَازَ لنا رِوَايتهُ عنه، قال: سَعِيْدُ بن سَهْل بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ، أبو المُظَفَّر المَعْرُوف بالفَلَكِيِّ، من أهْلِ نَيْسَابُور، سَمِعَ أبا الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحمّد المَدِينيِّ، وأبا عليّ نَصْر اللّه بن أحْمد بن عُثْمان الخُشْنَامِيّ وغيرهما، ثمَّ إِنّهُ سَكَنَ خُوارَزْم، ووَلِيَ الوِزَارَةَ لأميرها، ودَخَلَ بَغْدَادَ مِرَارًا، وحَدَّثَ بها، فرَوَى لنا عنْهُ عَبدُ الوَهَّاب بن عليّ الأَمِين (a)، وابنُ أخيهِ عَبد السّلام بن عبد الرَّحْمن، وأبو مُحَمَّد بن الأخْضَر.

ثمّ إنَّهُ سَافَرَ إلى الشّام لزيَارة بَيْت المَقْدِس، فوَرَدَها في أيَّام المَلِك نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فأكْرَم مَوْردَهُ، وطَلَبَ له إذْنًا من الفِرِنْج حتَّى زارَ بَيْتَ المَقْدِس، وعادَ إلى دِمَشْق، وطَلَبَ العَوْد إلى بلادِهِ، فلَم يَسْمَح نُور الدِّين بفِرَاقه وأُمْسِكَ بدِمَشْق، وأنْزَلَهُ في خَانكَاه السُّمَيْسَاطِيّ، وجَعَلَهُ شَيْخًا بها، فأقام بها مُدَّة لا يَتَناوَل من وَقْفها شَيئًا، ونَصِيْبه من الخَانكَاه يَجْمَعُه عندَهُ إلى أنْ صارَ بيَدِه منه جُمْلَة حَسَنةٌ، فعَمَّرَ بها الإِيْوَان الّذي في الخَانكَاه والسّقَاية، وأقام هُناكَ إلى حين وَفاتِهِ.

وحَدَّث؛ رَوَى عنهُ الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللّه الشّافِعيّ، ورَوَى لنا عنْهُ جَمَاعَة بدِمَشْق والقُدْس ومِصْر.

حدَّثني شَيْخُنا مُعِيْن الدِّين أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن حُسَيْن بن مُحمّد المُجَاور (a)، قال: قَدِمَ هذا الشَّيْخ - يعني أبا المُظَفَّر الفَلَكِيِّ - الشَّام في أيَّامِ المَلِك العادِل نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فأكْرَمهُ، وطَلَبَ زِيَارة البَيْت المُقَدَّس، فطَلَب له إذْنًا من الفِرِنْج فزَارَهُ وعادَ على حِمَار وحْش في غَايةِ العُلُوِّ، وطَلَب العَوْدَ إلى بلَادِه،


(a) من قوله: "ودخل بَغْدَاد … " إلى هنا ساقط من ق.
(b) تقدم ذكره في بعض المواضع: ابن المجاور.

<<  <  ج: ص:  >  >>