للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَوْم مُخَاشِنٍ، وهو جَبَلٌ إلى جَنْب البِشْر، ويَوْم مَرْج السَّلَوْطَح لأنَّهُ بالرَّحُوب.

والرَّحُوب: مَنْقَعُ ماءَ الأمْطَار، ثمّ تحملُهُ الأوْدِيَة فيَصُبّ في الفُرَات. وقال أبو غَسَّان: البِشرُ دونَ الرَّقَّةِ على مَسِيرة يومٍ منها، فهذا بِشْرٌ آخر. قال الأَخْطَلُ (١): [من الطويل]

سَمَوْنا بعِرْنَينٍ أَشَمَّ وعَارضٍ … لنَمْنَعَ ما بينَ العِرَاقِ إلى البِشْرِ

وقال أيضًا في إيْقاعِ الجَحَّاف بهم (٢): [من الطويل]

لَقَدْ أوْقَعَ الجَحَّافُ بالبِشْرِ وَقْعَةً … إلى اللهِ منها المُشتَكَى والمُعَوَّلُ

قُلتُ: قَولهُ: فهذا بِشْرٌ آخَر؛ غَلَطٌ منه لأنَّ الرُّصَافَة من الرَّقَّة تكُون مِقْدَار يوم وزِيَادة يَسيرة، وهي غَرْبيّ الرَّقَّة وقِبْليّها، وطَرف جَبَل البِشْر ويَنْتَهِي إلى الفُرَات، فيقْرُب من الرَّقَّة من هذا الطَّرف، وبينَهُ وبين الرُّصَافَة ثلاثة فَرَاسِخ في وسطِهِ، فظَنَّ أبو عُبَيْد البَكْرِيّ أنَّ ثَمَّ بِشْرًا آخر لقَوْل عُمَارَة بن عَقِيْل أنَّ بينه وبين رُصَافَة دِمَشْق ثلاثة فَرَاسِخ، وقال أبو غَسَّان: البِشْر دُون الرَّقَّة على مَسِيْرة يوم منها، فظَنَّ أبو عُبَيدٍ البَكرِىِّ أنَّ الرُّصَافَة عند دِمَشْقَ، ولم يَعْلم أنَّها من أرْض قِنَّسْرِيْن، لبُعْدِه عن بلادِ الشَّام، لأنَّهُ مَغْربيٌّ لا خِبْرة له ببلَادِ الشَّام، وإنَّما نَسَبَ الرُّصَافَة إلى دِمَشْق لنُزول هِشَام بن عَبْد المَلِك فيها وهو خَلِيفَة، وكان كُرْسي مُلْكه بدِمَشْق، فَنَسَبها إلى دِمَشْق ليفرُق بينها وبين رُصَافَة بَغْدَاد.

والبِشْرُ جَبَلٌ طويلٌ عريض يَمْتَدُّ في العرض إلى قُبَاقِب، وهو ماءٌ في طَرف البِشْر، وقد نزلْتُ به، بينَهُ وبين رَحْبةِ مَالِك بن طَوْق مِقْدَار عشرة فَرَاسِخ.


(١) ديوان الأخطل ١١٥، والنقل متتابع عن البكري.
(٢) ديوان الأخطل ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>