للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال لي (a) السَّدِيْدُ النَّقِيْب دَاوُد البُصْرَاويّ: كان الكَاسَانِيُّ يَصْعَد إلى قَلْعَة حَلَب رَاكِبًا ويَنْزل حيثُ يَنْزل المَلِك الظَّاهِر، فاتَّفقَ أنْ صَعِدَ يَوْمًا والفُقَهَاء بأجْمَعهم بينَ يَدَيْهِ، فلمَّا وَصَلَ إلى باب القَلْعَة قام البَوَّاب وقال: يَدْخُل الشَّيْخُ، ويَرْجع الفُقَهَاء، فلَوَى الشَّيْخُ عِنَان حِصَانه وقال: يَرْجع الشَّيْخ أيضًا! فبَلغَ المَلِك الظَّاهِر، فأرْسَل (b) في الحال مَنْ أدْخَل الشَّيْخ والفُقَهَاء معه إلى أنْ نَزَل الشَّيْخ حيثُ يَنْزل، ودَخَلَ الشَّيْخُ والفُقَهَاءُ معه إلى مَجْلسهِ.

قُلتُ: ولمَّا تُوفِّي الكَاسَانِيّ، تولَّى المَلِكُ الظَّاهِرُ تَرْبية وَلدِه وكان صَبِيًّا، واسْتَخدَم عُتَقَاءه وولَّاهُم تَرْبية وَلَده بالقَلْعَة، واجْتَهد في إشْغَالِه بالفِقْه فلم يَنْجُب.

قال لي خَلِيفَةُ بن سُلَيمان: ماتَ عَلاء الدِّين الكَاسَانِيّ يَوْم الأَحَد بعد الظُّهْر، وهو عَاشِر رَجَب، في سَنَة سَبْعٍ وثَمانين وخَمْسِمائَة.

ثمّ قَرأتُ بخَطِّ خَلِيفَة على ظَهْر كتابٍ: تُوفِّي الأُسْتَاذُ الإمَامُ عَلاءُ الدِّين الكَاسَانِيّ ذو المَكَارِم أبو بَكْر بن مسْعُود عَاشِر رَجب بعد الظُّهْر سَنَة سَبْعٍ وثَمانين وخمْسِمائَة، وتَوَلَّى التَّدْرِيسَ بعدَهُ الأُسْتَاذُ الإمَامُ افْتِخار الدِّين في سَابِع عَشر رَجَب.

سَمِعْتُ ضِيَاءَ الدِّين مُحَمَّد بن خَمِيْس الوَكِيل المَعْرُوف بابنِ المَغْرِبيّ يَقُول: حَضَرْتُ الشَّيْخ عَلاء الدِّين الكَاسَانِيَّ عند مَوْتهِ، فشَرَع في قرَاءةِ سُوْرة إبْرَاهيم عليه السَّلام حتَّى انْتَهَى إلى قَوْلهِ تعالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (١) فخَرَجَتْ رُوْحُه عند فرَاغه من قَوْلهِ {وَفِي الْآخِرَةِ}.


(a) ساقطة من م.
(b) م: فأرسل الملك الظاهر فأرسل!.

<<  <  ج: ص:  >  >>