للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَضَرْتُ بقَلْعَة الرَّاوَنْدَان عند المَلِك الصَّالِح أحْمَد بن المَلِك الظَّاهِر غَازِي ابن يُوسُف بن أَيُّوب، فحَكَى أنَّ عندَهُ ببلَد الرَّاوَنْدَان قَرْيَةً، وأشَارَ بيَده نحو الغَرب، وقال: هي في ذلك المكان، وِأنَّه يشُاهَدُ فيها نُور سَاطِع، إمَّا في ليلةِ الجُمُعَة أو في لَيلة أُخْرى سِوَاها، يخظُر إليهِ منْ كان ضارجًا عن تلك القَرْيَة، حتَّى إذا قَصَدَها ووصَلَ إليها غاب عنه فلم يَرَ شيئًا.

قَراتُ بِخَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد اللّه الطَّرَسُوسِيّ، في كتَاب سِيَر الثُّغُور، قال: وفي البُرْج المَنْسُوب إلى الهُرْي، فَذَكَر أشياء ثمّ قال: وعلى أسْكُفَّتَي الباب العُلْيَاتَيْن (a) حَجَر قد طبَّق المصرَاعَيْن، فيه قبر ذَقْيَانُوس مَلِك أصْحَاب الكَهْف، ذَكَرَ لي جَمَاعَةٌ ثقاتٌ بطَرَسُوس أنَّ يَازْمَار (b) الخاَدِم في ولايتهِ كَشَفَ عنهُ بمِقْدَار ما يُمْكن الوصُول إليهِ، فَوُجِدَ ميِّتًا مُسَجَّىً بأكْفانِهِ مُصَبَّرًا، معه سَيْفٌ إلىِ جَانبهِ، فأمَرَ بالسَّيفِ فأُخِذَ فوُزِنَ فوَجَدُوه أحدَ عشر أُوْقِيَّة بالطَّرَسُوسِيّ الّتي وزْن كُلّ أُوْمِيَّة منها إشان وثلاثون دِرْهَمًا، ورَدَّ ما كان كُشِفَ منهُ إلى صاله.

قلتُ: والعَجَبُ أنَّ عَبْد اللّه المأمُون دُفِنَ في بِطانَةِ مِحْرَاب جامعِ طَرَسُوسَ بسلَاحِه، ولمَّا مَلَكَ الدُّمُسْتُق طَرَسُوس، سَقَط مِحْرَاب الجاَمع، وسقَط المأْمُون بسلاحِه، فأخَذَ الدُّمُسْتُق سَيْفه، ورَدَّ الباقي إلى حالِهِ، ورُدَّ إلى مَوضِعِه.

وشاهدْتُ في المَدْرَسَة الحَنَفِيَّة المَعْرُوفة بالحَلاويَّة بحَلَب مَذْبجًا من الرُّخَام المَلَكيّ الشَّفَّاف الّذي يُقَرِّب النَّصَارَى عليه القُرْبان، وهو من أحْسَن الرُّخَام صُورةً، إِذا وضعَ تحتَهُ ضَوءٌ بَانَ من وجههِ، فسألْتُ الشَّريف تَاج الدِّين أبا المَعَالِي الفَضْل وَلد


(a) كذا في الأصل وفوقه "صـ".
(b) هكذا قيده ابن العديم هنا وفي زبدة الحلب ١: ٩٠، ومثله في اليواقيت والضرب لأبي الفداء ٧١، وجاء في مرآة الزمان ١٦: ٧٤، والأعلاق الخطيرة لابن شدَّاد ١/ ٢: ٦٥ - ٦٦، والبداية والنهاية لابن كثير ١١: ٥٧: يا زمان، وعند ابن العبري: تاريخ الزمان ٤٦: نازمان، وفي العبر لابن خلدون ٦: ١٤٤ - ١٤٥: بازمار، وفي موضع آخر منه (٦: ١٦٤): مازمار، وثالث (٨: ٣٠): مازيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>