للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، ووَقِفَ عليهِ وَقْفًا حَسَنًا، ورَتَّبَ فيهِ مُدَرِّسًا يُدَرِّسُ الفِقْه على مَذْهَب أبي حَنِيفَة رَضِيَ اللّهُ عنهُ.

وأمَّا المَقام الأعْلَى؛ ففيهِ تُقَام الخُطْبَة بالقَلْعَة، ويُصَلِّي فيه السُّلْطَان الجُمُعَة.

وفيه رَأس يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء عَليه السَّلامُ، مُوْضُوع فِي جُرْن من الرُّخَام في خِزَانَةٍ، ووقَعَ الحَريقُ ليلةً من اللَّيالِي في المَقام المذكور فاحْترقَ جميعُه في سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّمائة، ولم يَحْترق الجُرْن المَذْكُور، ودَع اللّهُ النَّار عنهُ.

وقَرَأت في تاريخ مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْمِىّ (١)، وأنْبَأنا بهِ شَيْخُنا ابو اليُمْن الكِنْدِيّ عنهُ، قال: في سَنَة خَمْسٍ وثلاثين وأرْبَعِمائة ظَهَرَ ببَعْلَبَك رأسُ يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء في حَجَرٍ مَنْقُور، فنُقِلَ إلى حِمْصَ، ثُمّ إلى حَلَب وهو بها إلى الآن.

وأخْبرَني أبو الحَسَن عليّ بن أبي بَكْرٍ الهَرَوِيّ، رَحِمَهُ اللّه، قال (٢): بقَلْعَة حَلَب مَقَام إبْرَاهِيم الخلَيْل عَليه السَّلامُ، وبه صَنْدُوق فيه قِطْعَة من رَأس يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء عَليه السَّلامُ، ظَهَرَت سنَة خَمْسٍ وثلاثين وأرْبَعِمائة.

وأمَّا ما هُوَ في نَفْسِ المَدِينَة، فنها مَسْجِد الغَضَائِرِيّ، ويُعْرفُ الآن بمَسْجِد شُعَيْب، وهو أوَّل مَسْجِد اخْتَطَّهُ المُسلِمُونَ بحَلَب عند فَتْحها.

أنْبَأنَا شَيخُنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن مُحمَّد بن عليّ العُظَيْميّ، قال (٣): لمَّا فَتَحَ المُسلِمُون حَلَب، دَخَلُوها من باب أَنْطاكِيَة، ووَقَفُوا دَاخل الباب، وَحَفُّوا حولَهُم بالتِّرَاس، فبُنِيَ في ذلك المكان مَسْجِدٌ وهو المَعْرُوف بالغَضَائِرِيّ.


(١) العظيمي: تاريخ حلب ٣٣٦.
(٢) الإشارات ٤.
(٣) لم نجده في كتاب العظيمي المنشور باسم تاريخ صلب، وهو مختصر لكتاب آخر للعظيمي في التاريخ، كبير، نَقل عنه ابن العديم في كثير من المواضع التالية، ونصَّ على عنوانه: "كتاب المُؤَصَّل على الأصْلِ المُوَصَّل؛ وهو التَّذْكِرَة من سِيَر الإسْلَام".

<<  <  ج: ص:  >  >>