للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا، وهو أحَدُ مُعَلِّمِي سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن بن حَمْدَان. رَوَى عنهُ أبو الفَرَج البَبَّغَاء.

وقد ذَكَرْنا في حَرْف النُّون (١) بعض أخْبَاره وشِعْره، ولَم نُخْلِ الكُنَى من ذلك، لشُهْرته بالكُنْيَة.

قَرَأتُ في كتابِ أبي القَاسِم عُبَيْد اللَّهِ بن عبد الرَّحيم الّذي وضعَهُ في أخْبَارِ الشُّعَراء (٢)، قال: حَدَّثَني أبو نصْر بن نُبَاتَة، قال: كان الشَّيْظَمِيُّ الشَّاعِرُ أحَدُ مُعَلِّمي سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وكان يتبَسَّطُ عليه بدَالَّة التَّرْبيةِ والصُّحْبَة، ولَم يكُن يجلِسُ بحَضْرته غيرُه من أبناءِ جِنْسهِ، وكان شَيْخًا مُبَدَّنًا لا يَسْتَطِيع الوقُوف، وكان سَيْفُ الدَّوْلَة كَثِيْرًا ما يُمَازحُهُ، فأَنْشَدَه يَوْمًا (a): [من الكامل]

والشَّيْظَمِيُّ إذا تَنَحْنَح للقِرَى … حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّل الأمْثَالا

فضربَ بيَده على فَخَذِه وقال: ليسَ كَذَا علَّمك المُعَلّم يا عَزِيز أبُوهُ! بهذا اللَّفظ غير مُعْرِب له.

وكان سَيْفُ الدَّوْلَةِ، على ما حُكِي، يُكَايدُهُ كَثيرًا بما يفعَلُه مع المُتَنَبِّي، ويقْصِدُ مُغَايظتَهُ، ويُنْفِذ إليه في اللَّيْلِ منْ يَدُقّ عليه بابَهُ، ويُزْعجهُ بأنْ يقُول له: إنِّي رَسُول الأَمِير إليك، فإذا تكلَّف الخُرُوجَ إليه واسْتِعلامَ ما حَضَر فيه، قال له: ألَسْتَ المُتَنَبِّي؟ فيقُول: لا، ثُمَّ يعُود عليه بالشَّتْمِ، وعلى مَنْ أنْفَذَهُ، وعلى المُتَنَبِّي الذي ذَكَرَهُ.


(a) بعده في م: يقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>