للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلتُ: أرادَ أبو القَاسِم الشَّيْظَمِيّ بقَوْله: ليس كَذَا عَلَّمك المُعَلِّم، أنّ البَيْتَ (١): [من الكامل]

والتَّغْلِبِيُّ إذا تَنحْنَحَ للقِرَى

يُعَرِّض بالرَّدِّ على سَيْفِ الدَّوْلَة.

قال ابنُ نُبَاتَة: وحَمَل إليه يَوْمًا مع بعضَ أصْحَابهِ ثيَابًا كَثِيْرةً، وطِيْبًا، ودَنَانِيْر لها قَدْر، ووَصَّى رَسُوله بأنْ يُسِلّم إليه الجميعَ، فإذا حَصَل في قبضَتِهِ قال له: أليسَ الشَّيْخ هو المُتَنَبِّي؟ والْتَمس خَطّة بالوُصُول، ففَعَل الرَّسُولُ ما أمرَهُ به، فعَظُم هذا على الشَّيْظَمِيّ وسَبَّهُ، وألْقَى ما سلَّمَهُ إليه في وَجْهِهِ، فارْتَجَعَهُ الرَّسُول وانْكَفأ به، فلمَّا كان في اللَّيْل اسْتَدْعاهُ وَدَاعبَهُ وأعادَ إليه الصِّلَة جَمِيْعَها. وكان دَائمًا يَسْتَعمل معه هذا الجِنْسَ وأمْثَالَهُ من العَبَثِ.

قَرأتُ في كتاب المُفَاوَضَة، تأليفُ أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْرٍ الكَاتِب بخَطِّه، وأخْبَرَنا بذلك أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ إذْنًا، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، عن أبي غَالِب بن بِشْرَان، قال: قرأ علينا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب، قال: حَدَّثَني أبو الفَرَج عَبْد الوَاحِد بن نَصْر، قال: كان الشَّيْظَمِيّ مُنْقَطِعًا إلى سَيْفِ الدّوْلَة قبل ورُودِ المُتَنَبِّي إليه، يقُول شِعْرًا مُخْتلَّ النَّسْجِ، مُضْطَربَ النَّظْم، حتَّى إذا قامَتْ للمُتَنَبِّي سُوق عند سَيفِ الدَّوْلَةِ، دَخَلَهُ شَبِيْهُ شَيْطَانٍ، فقال شِعْرًا جَيِّدًا.

وكان سَيْفُ الدَّوْلَةِ شَجَر بينَهُ وبين أخيهِ ناصِر الدَّوْلَة مُنَافَرةٌ بسَبَب الرَّحْبَةِ، لأنَّها كانت لأُخْتِهِ وماتَتْ، ورَامَ ناصِرُ الدَّوْلَةِ اسْتِضْمَامَها إلى أعْمَالهِ، وهى جَارِبَةٌ


(١) البيت لجرير في ديوانه ٣٦٣، وعجزه: حكَّ استه وتمثل الأمثالا.

<<  <  ج: ص:  >  >>