للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفظٍ كَثير، ولم يَسْبِقْهُ أحدٌ بتارِيخ لها على الخُصُوص … وتَفرَّقَت أجْزاؤه قَبْل الفِتْنَة التَّيْمُوريَّة، فلا تَجِدُ الآن منها إلَّا نَزْرًا، لَم أقِفْ منها إلَّا على جُزءٍ واحدٍ بخَطِّه فيه بعض حَرْف الميم" (١).

ووَصفهُ السَّخَاوِيُّ (ت ٩٠٢ هـ) بالتَّاريخ الحافِلِ (٢)، لِمَا تَضَمَّنهُ من مادَّةٍ تاريخيَّةٍ وجُغْرافيَّةٍ عن بلادِ الشَّام عامَّةً والمنطقة الشَّماليَّةِ منه على وَجْهِ التَّحديد، وهي مادَّةٌ تفَرَّدَ المُؤلِّفُ عن أقْرَانه في كَثيرٍ من جَوانبها، ولِقيْمَةِ التَّراجم الَّتي ذَكَرَها، فكانتْ إفاداتُه - تَبعًا لذلك - مَصْدرًا للأَخْذِ والنَّقْلِ والاسْتِشْهادِ عندَ كَثيرٍ من اللَّاحِقيْن ممَّن أتَى بعدَهُ.

ويَصْعُبُ، في هذا الحَيِّز المُتاح اسْتِعراضُ كافَّةِ الجَوَانِبِ الَّتي تَميَّزَتْ بها نُصُوصُ ابنِ العَدِيْم، وهي جَوانبُ وَاسِعَةٌ ومُتَشعِّبَةٌ، غير أنَّ في ذِكْرِ البَعْض منها ما يَجْزِئُ عن الكُلِّ، ويُقدِّمُ صُوْرةً عن القيْمة الحَقِيقيَّةِ للكتاب.

فأُوْلَى هذه الجوانب: تتَّصِلُ بما قيَّدَهُ المُؤلِّفُ في الجُزءِ الأوَّل من كتابهِ، وهو الَّذي جَعَلهُ مُقَدِّمةً للعَمَل، وتضمَّنَ بَحْثًا في الجُغرافيَة الطَّبِيعيَّة والبَشَريَّةِ والتَّقْسِيماتِ الإداريَّةِ عن مَنْطِقَة شَمالِ سُوريا في القُرُون السَّبْعَة الأُوْلَى؛ مُنذ الفَتْح الإسْلاميّ وصُولًا إلى عَصْره، وشَكَّلَتْ مادَّتُه الأساسَ الَّذي ابْتَنى عليه بعضُ المُؤرِّخينَ اللَّاحِقينَ مُؤلَّفاتِهم، خاصَّةً ابنُ شَدَّاد في البابِ المتُعلِّقِ بحَلَب من كتابِه الأعْلَاق الخَطِيْرة؛ بمِصْرَاعَيهِ الأوَّل والثَّاني، وهو أيضًا القسْمُ - أعْنْي الكتابَ الأوَّل من البُغْيَة - الَّذي أثارَ اهْتِمامَ المُسْتَشرقين - خاصَّة الفَرَنسيِّيْن منهم - من أمْثالِ المُؤرِّخ م. كانار Marius Canard في دراسَتِه عن الحَمْدانيِّين، وجان


(١) الدر المنتخب ٧.
(٢) الإعلان بالتوبيخ ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>