للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُوفاجيه، Jean Sauvaget، وكلود كاهن Claude Cahen، وغيرهم (١).

وفَضْلًا عن تأْرِيٍخ الكتابِ لشَمال بلاد الشَّام حتَّى مُنْتَصَفِ القَرن السَّابِع الهِجْريّ، وكَوْنِه سِجلَّا لأحْدَاث المَنْطِقَةِ في تلك الحِقْبةِ المُمتدَّةِ، فتَبْرُزُ قيْمتُهُ أيضًا في احْتِفاظِه بنُصُوصٍ طَويلةٍ من كُتُبٍ مَفْقُودَةٍ كَثيرةٍ لَم تَصِلْنا، حَفظَها ابنُ العَدِيْم - وَحْدَهُ - ونَقَلَها إلينا، تَتَوزَّعُ مَوضُوعاتُها بين التَّاريخ، والأدَبِ: المَنَثُور والمنَظُوم، والأنْسَابِ والتَّراجِم، وغير ذلك، فعلى سَبيل المثالِ، لَم تكُنْ مَعْرفتُنا بأحْوالِ الثُّغُورِ - الجَزْريَّة منها والشَّاميَّة - المُتَاخِمَةِ لبلادِ الرُّوم، على هذا الوَجْهِ من الوُضُوح لولا ما اسْتَقْصاهُ عنها ودَوَنَهُ في كتابِه، ولولا احْتِفاظُهُ بنُصُوصٍ طَويلةٍ من "كتابِ سِيَر الثُّغُور" لأبي عَمْرو الطَّرَسُوسِيّ (ت نحو ٤٠١ هـ)، وهو كتابٌ عَزيْزٌ في غايَةِ النُّدْرَةِ والفَرادَة، وَضَعهُ للوَزِيرِ أبي الفَضْل جَعْفَر بن الفَضْل بن الفُرَات المعْرُوف بابن حنْزَابَة (ت ٣٩١ هـ). ومُؤلِّفهُ ممَّن سَكَنَ الثُّغُورَ، وعايَنَ أحْوالَها إبَّانَ حِقْبَةِ الاعْتَداءاتِ الرُّوميَّةِ المُتَلاحِقَة على الثُّغُورِ في مُنْتَصَفِ القَرْن الرَّابع الهِجْريّ، وقدّمَ وَصْفًا دَقِيقًا لحيَاةِ المُرَابطينَ والسُّكَّان في أجَلّ مُدنِ الثُّغُور


(١) بحسب فؤاد سزكين في مقدمة الجزء الأول من مصورة بغية الطلب دون رقم، وأيضًا: Geschichte des arabischen Schrifttums،Vol ١،p ٤٤٣ بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، (القسم الثالث ٥ - ٦) ٤٤٠.
ومن الغريب أن كتابًا بهذه الأهمية ينل الاعتناء في الأوساط العلمية الغربية، بينما أغفلت الاستفادة منه بعض الدراسات العلمية العربية التي تناولت حلب في مختلف العهود، فدراسة رعد البرهاوي بعنوان: أجناد الشَّام "دورهم السياسي والعسكري في العصر الأموي" لم تستفد منه، وهي رسالة ماجستير منشورة، أعدت بجامعة الموصل ونُشرت بعمان (دار الكتاب الحديث، ٢٠٠٦ م)، وكذلك دراسة نعمان جبران وعنوانها: مملكة حماة في العهدين الأيوبي والمملوكي، رسالة ماجستير غير منشورة (الجامعة الأردنية، ١٩٨١ م)، وحماة كانت في اعتبارات ابن العديم من إقليم حلب، وأيضًا دراسة جورج طريف وعنوانها: حلب في العصر المملوكي الأول، رسالة ماجستير منشورة (عمان: وزارة الثقافة، ٢٠٠٨ م)، واقتصر فيها على الاطلاع على الجزء الأول من بغية الطلب، إلى غير ذلك من البحوث والدراسات العلمية المتخصصة التي تجاوزت عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>