للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

وَرَدَ علينا حَلَب في سَنَة ثلاث عَشرة وستِّمائة، وذَكَر لي أنَّهُ نَظَمَ "الإيْضَاح"، و"التَّكْملَة" لأبي عليّ الفَارِسيّ، أُرْجُوزَة، وأمْلَى عليَّ مَقَاطِيْع من شِعْرِهِ بحَلَب.

ثُمَّ اجْتَمعتُ بهِ بدِمَشْق سَنَة ستٍّ وعِشْرين وستِّمائة، ونَقَلْتُ عنه شَيئًا آخر من شِعْرِهِ، وهو ممَّن يُصَدَّر لإفادَةِ العُلُوم العَرَبيَّة واشْتُغِل بها عليه.

قال: وأنْشَدَنِي لنَفْسهِ: [من الوافر]

أنَّى ليَ أنْ أَفِيقَ مِنَ التَّصَابِيْ … وسَكْرَتهِ وَقَدْ جَاءَ النَّذِيْرُ

ويَنْزِعَ عَنْ غَوَايَتِهِ فُؤَادِيْ … وفي فَوْدَيَ قَد لاحَ القَتِيْرُ

فما هذي الحَيَاةُ سِوَى عَنَاءٍ … ولا لَذَّاتُها إِلَّا غُرُوْرُ

وما الدُّنْيَا الدَّنِيَّةُ غَيْرُ ظِلٍّ … يَزُوْلُ وطَيْفُ أحْلَامِ يَزُوْرُ

وليسَ سَعيْدُهَا إلَّا شَقيّ … وليسَ غَنيُّهَا إلَّا فَقيْرُ

يَرُوْحُ المَرْءُ ذَا أمَلٍ طَوِيْلٍ … فَيُخْلِفُ ظَنَّهُ أجَلٌ قَصِيْرُ

ويحرِصُ أنْ يُقِيمَ بدَارِ ظَعْنٍ … يَسيرُ ومُكْثُهُ فيها يَسِيْرُ

وأنْشَدَنِي القاضِي الإمام، أيَّدَهُ اللهُ تعالَى، قالا: أنْشَدني أحْمَد بن عليّ لنَفْسهِ: [من الخفيف]

يا نَديْمي من سِرِّ أزْدِ عُمَان … أشْرَفِ النَّاسِ مَحْتدًا ونِجَارَا

إِحْبِسِ الكَأسَ عَنْ أخِيْكَ فَقَدْ مَـ … ـالَ إلى صَحْوَةٍ وَمَلَّ العُقَارَا

وطَوَى الأرْبَعينَ لَا بَلْ طَوَتْهُ … وأرَتْهُ المُجُونَ واللَّهوَ عَارَا

وجَلَى الشَّيْبُ وانْجَلَى لَونُ فَوْ … دَيْهِ فَعَادَا مِنْ بَعْدِ لَيْلٍ نَهَارَا

أَرْى خَاسِرَ الشِّبيْبَةِ وَالرُّشْد … جَلَّ ذَان عِنديْ خَسَارَا

ما اعْتِذَاريْ بَعْدَ ابيضَاضِ عذَاري … في ارْتكابي الآثامَ الأَنَامِ والأَوْزَارَا

<<  <  ج: ص:  >  >>