للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

كِبار الفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة بحَلَب، كان عندَهُ دِيانة، وَلِيَ التَّدْرِيسَ بالزَّجَّاجِيَّة، واتَّصَلَ إلى قُطب الدِّين النَّيسَابُورِيّ. وفُوِّض إليهِ تَدْرِبس النُّورِيَّة المَعْرُوفة بالنَّفَّرِيّ (١)، فدَرَّس بها إلى أن جَرَت لَهُ حالة مع النَّائِبِ في القَضَاء بحَلَب أبي البَرَكات مُحَمَّد ابن مَنْصُور الشَّهْرَزُوريّ أوْجَبَت ضِيْق صَدْره، فسَار من حَلَب، وأقام بالقُدْسِ ووَلِيَ التَّدْرِيسَ بها بالمَدْرسَة النَّاصِريَّة. وكان سَمِعَ الحَدِيث بحَلَب من كَمَال الدِّين عُمَر بن حَمُّوَيْه وأبي بَكْر الحَنْبَليّ.

وكان سَبَب رَحِيله من حَلَب أنَّ الضِّيَاء ابن الشَّهْرَزُوريّ رُجِمَت دَاره أيَّامًا فاتَّهَمَ بذلك صَدْر الدِّين أبا الفَتْح ابن مَجْد الدِّين طَاهِر، وشَكَا إلى السُّلْطان المَلِك الظَّاهِر تَكَرُّرَ ذلك منه، فاسْتَدعاهُ السُّلْطانُ لَيْلةً من اللَّيَالي إلى القَلْعَة، فصَعِدَ فالْتَقاهُ حُسَام الدِّين مَحْمُود شحْنَة حَلَب، فأجْلَسه في دِهْليز القَلْعَة إلى أنْ مَضَى الرُّبْع من اللَّيْل، فصَعِدَت رُقْعة من الضِّيَاء ابن الشَّهْرَزُوريّ يَشْكُو فيها صَدْر الدِّين، ويقُول بأنَّنا في هذه السَّاعَة رُجِمْنا، فاسْتَدعى السُّلْطان حُسَام الدِّين الشّحْنَة، وطَلَب منه إحْضَار الصور (٢)، فقال: يا مَوْلايّ، واللهِ إِنَّهُ قاعِدٌ عندي من أوَّل اللَّيْلِ، فأمَرَ بإنْزَاله إلى منْزل أبيه. فقال له أبوه: يا بُنَيّ، ما بَقي يُمْكننا القُعُود بحَلَب، فأصْبحا وسافَرَا. ثُمّ بَدَا له في الطَّريْق فرَدَّ ابْنه ليأتيه بأهْله وما يَحْتاج إليهِ.

وكان قد آذاه عُمَر ابن العَجَمِيّ، وطَلَب مُشارَكَته في الزَّجَّاجِيَّة، فجاءَ إليَّ، وقال: نَخْرُج إلِى الشَّيْخِ عليّ الفَاسِيِّ، فخرَجْتُ معه، فذَكَر عامَله عُمَر ابنِ العَجَمِيّ، وقال: إنَّه قد رشَا جَماعة، وأنَّه اسْتَعان عليَّ بذلك، وأنا أسْتَعِين عليه برَفْع الأيْدي في الأَسْحَارِ.


(١) في المطبوعة: التغري، وهو خطأ، وانظر الكلام على مدرسة النفري في الأعلاق الخطيرة ١/ ١: ٢٤٨ - ٢٥١.
(٢) كذا جاء في المطبوع، ولعله: المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>