للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

واجْتَمَعْتُ بَهْ بَهْا، ثُمَّ اجتَمَعْتُ به برَأس عَيْن الخابُور، وكَتبتُ منه بها شَيئًا من نَظمِه، وقَرأتُ عليه بحَرَّان جُزءًا يَرْويه عن وَالدِه، من جَمعْ الأُقْلِيشِيّ، رِوَاية وَالده عنه.

وسَألتهُ عن مَوْلده، فقال: وُلدتُ في ذي القَعْدَة سَنَة سِتِّين وخَمْسِمائة، وتُوفِّي بالرَّقَّةِ في تاسع عَشر جُمادَى الأُوْلَى سَنَة اثْنَتَين وعِشْرين وستِّمائة، ودُفِنَ بها ببابِ مَشْهد أمِيْر المُؤمِنيْن عليّ عليه السَّلام، وبني له تُرْبَة على قَبْرِه.

ثُمَّ قال: وممَّا أنْشَدني لنفسهِ في المَلِك المُعَظَّم شَرَف الدِّين عِيْسَى ابن المَلِك العَادِل عند مَقْدَمهِ من الحجِّ، ويَذكر فيها تَوْدِيعه عند سَفَرهِ إليهِ: [من الكامل]

ما بَالُ قَلْبِكَ للنّوَى لا يَخْفقُ … أتُرَاكَ كُنْتَ بحُجِّبِهِمْ تَتَملَّقُ

إنْ اتْهَمَ الأحْبَابُ لَسْتُ بمُتْهِم … مَعَهُمْ ولَسْتُ بمُعْرِقٍ إنْ أعْرَقُوا

ما أقْطَعُوْكَ سِوَى القَطِيْعَةَ عندَما … جُمُعُوا هُمُومَكَ في الحَشَا وتَفَرَّقُوا

ولئن كَتَمْتَ هَواهُمُ وسَتَرْتَهُ … فبكُلِّ جارحَة لِسَانٌ يَنْطِقُ

ولقَد جُنِنْتَ بِهِمْ فقَيّدَكَ الهَوَآ … وعن السُّلُوِّ عليكَ بابٌ مُغْلَقُ

فلذاكَ دَمْعكَ في الخُدُوْدِ مُسلْسَلٌ … وأسِيْرُ قلبِكَ بالصَّبَابَةِ مُوْثَقُ

جَدَّ الحُدَاةُ بِهِمْ ولو عَلِمُوا بما … لاقَيْتَهُ لتَعَطَّفُوا وتَرَفَقُوا

حَطَمُوا بقَصْدِهِمُ الحَطِيْمَ مُخَلَّفًا … وبدَمْعَةٍ تلكَ المَشاهِدَ خَلَّقُوْا

وأظُنُّ قلبَكَ من جِمَارِهِمُ الّتي … كانُوا بها عندَ المُحَصَّبِ حَلقوا

لو كُنْتَ شَاهِدَنا عَشِيَّةَ ودَّعُوا … وقُلُوبُنَا بيَد المَطِيِّ تَشَقَّقُ

وعُيُوْنُنا عَيْنُ تَجُوْدُ بعَبْرةٍ … مَمْزُوجَةٍ بدَمٍ وأُخرَى تَخْفِقُ

لَحَسَدْتَ من أنِفَ التَّعَبُّدَ للهَوَى … وعَلِمتَ أنَّ الحُرَّ مَنْ لا يَعْشَق

خُلُقُ اللَّيَالي ما عَلِمْتَ فإنْ أتَتْ … بخِلَافِهِ فَتَطَبُّعٌ وتَخَلُّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>