للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

ولأشْكُرَنَّ صُرُوْفَها إنْ أنْعَمَتْ … وتَضَمَّنتنا بعدَ بين جلّقُ

هي جَنَّةُ الدُّنْيا فماءٌ سَلْسَلٌ … ونَسِيْمُ أسْحارٍ وغُصنٌ مُوْرِقُ

وشَبابُ حُسْنٍ لا يَشِيْبُ ومَنْظَرٌ … بَهِجٌ عليهِ منَ النَّضَارَةِ رَوْنَقُ

ولكَفِّ أنْواءِ الرَّبِيْعِ تَمَهُّرٌ … في نَسْجِ حُلَّة حُسْنِها وتأنُّقُ

ولربَّمَا منْ مُعْجِزَات سَمِيِّه … إحْيَاءُ مَيْتٍ أو نَوَالٍ يَخْلُقُ

مَلِكٌ رَقَى في المَجْدِ أرْفَعَ ذِرْوَة … مِن تَحْتِها الشَّمْسُ المُنِيرَةُ تُشْرِقُ

وتَجَاوَزَ الأفلاكَ يَطلبُ غَايَةً … ما فَوْقَها لمُؤمِّلٍ مُتَسَلَّقُ

الفاعِلُ الفَعَلَاتِ عن أمْثَالِها … عُمُرُ الزَّمانِ ومَن حَواهُ ضَيِّقُ

لَمْ تَرْضَ هِمَّتُهُ تَجَوُّزَ وَاصِفٍ … فسَمَتْ إلى ما لم يَنَلْهُ الأسْبَقُ

ورَمَى العُلُومَ بِفَيْصَلٍ منْ فَهْمِهِ … يَعْنُو لفَتْكتهِ السِّنَانُ الأزْرَقُ

فأحاطَ منها بالدَّقِيقِ عن النُّهَى … فَهْمًا وبالمَعْنَى لِمَنْ يَتَحَدَّقُ

سَبَّاقُ غَاياتٍ لكُلِّ فَضِيْلَةٍ … عُنُقُ الزَّمَانِ بحَلْيِها مَتَطوِّقُ

أسَدٌ يَهابُ الأُسْدُ شِدَّةَ بأسِهِ … أبدًا وتَحْذَرُ من سَطَاهُ وتَفْرَقُ

كَمْ للمُلُوكِ ببَابِهِ مِن سَجدَةٍ … شُكْرًا لأَنْعُمِهِ الَّتي لا تَخلُقُ

تَلْقَاهُ خاشِعَةَ العُيُون تكادُ من … عِظَمِ المَهَابَة والجَلَالَة تُصْعَقُ

لذَخائِرِ الآمالِ فيهِ تَجَمُّعٌ … وذَخائِرِ الأَمْوَالِ منهُ تَفَرَّقُ

في حَرْبِهِ صارَ القَنَا مُتدقِّقٌ … في سِلْمِهِ صَوْب الحَيَا مُتَدَفِّقُ

للّهِ منهُ مُجَاهِدٌ مُتَهَجِّدٌ … متَوَرِّعٌ مَتَوَاضِعٌ مُتَصَدِّقُ

سَاعٍ إلى البَلَدِ الحَرَامِ مُؤَدِّيًا … فَرْضًا تَخُبُّ بهِ إليهِ الأَيْنُقُ

يَجْرِينَ في بَحْرِ السَّرَابِ سَفَائنًا … طَوْرًا تَطُوْفُ به وطَوْرًا تَغْرَقُ

خَطَّتْ على وَجْه التُّرَابِ نُسُوْعَها … مَدْحًا لَهُ وبكُلِّ أرْضٍ مَخْرَقُ

مُتَجَرِّدٌ في حُلَّتَي إحْرَامِه … كالبَدْرِ لَاحَقهُ سَحَابٌ مُغْدِقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>