===
إنِّي لأعْجَبُ كَيْفَ حَرَّمَ طِيْبُهُ … إحرَامَهُ وثَناهُ مِسْكُ يَعْبَقُ
ولكَعْبَة مَحْجُوْجَةٍ من كَعْبِهِ … زُمَر العُفَاة بها تَطوْفُ وتُحْدِقُ
ما زَارَها إلَّا وعندَ حِطِيمِها … ومَقَامِها شَوق إِليهِ تَعَلُّقُ
ولو اسْتَطاعَتْ أو دَرَتْ لمَسِيْرِهِ … كانَتْ زِيَارتُها إليهِ تَسْبِقُ
مَوْلَايَ خُذْهَا حُرَّةً عَرَبيَّةً … يُعْشي النَّوَاظِرَ نُورُها المُتَألِّقُ
جَرَّتْ جَريْرًا والفَرَزْدَقَ خَلْفَها … وعَلَتْ على أرَقٍ ومِثلِيَ يأرَقُ
ما سُقْتُهَا إِلَّا لسُوْقِ فَضَائلٍ … في مِثْلِها دُرَرُ المَعَانِي تَنْفقُ
فاخْلُدْ وسَيْفُكَ فَالِقٌ هامَ العِدَا … أبدًا وصِيْتُكَ في المَسَامعِ فَيْلَقُ
لا الدَّهْرُ يقعُدُ عن مُرَادكَ في الوَرَى … يَوْمًا ولا لأَسِيْرِ حُبِّكَ مُطْلِقُ
وأنْشَدَنِيّ؛ قال: أنْشَدني لنَفْسه في السُّلْطانِ المَلِك الأشْرَف، أعزَّ اللّهُ نَصْره، يُعارِضُ بها قَصِيْدةَ ابن النَّبِيه الَّتي أَوَّلها: [من الرجز]
يا طَيْفُ يا أكرَمُ ضَيْفٍ قَدْ طَرَقْ
ما طَبَعُوا سُيُوفَهُم منَ الحَدَقْ … إلَّا لأنَّها أحَدُّ وأدَقْ
فَوَاتِرٌ بوَاتِرٌ ما رمَقَتْ … قَطُّ فأبْقَتْ للْمُحبِّيْنَ رَمَقْ
كَمْ أوْدَعَتْ يَوْمَ الغَرَامِ لَوْعَةً … لَهيْبُها لو لَمَسَ المَاءَ احْتَرَقْ
تُرَى همُ رَقُّوا لمَا لَقِيْتُهُ … بَعْدَهُمُ منَ الفِرَاقِ والفَرَقْ
يُكَذِّبوْنَ ما ادَّعَيْتُ مِن هَوىً … وشَاهِدُ الحَال لدَعْوَايَ صَدَقْ
أنْفَقْتُ عُمْرِي في انْتَظَارِ وَصْلِهمْ … فَضَاعَ ما أنْفَقْتُهُ وما اتَّفَقْ
وابأبي مَنْ جَمَعَتْ وَجْنَتُهُ … ماءً ونَارًا وصَبَاحًا وغَسَقْ
كأنَّما في قَسَماتِ وَجْههِ … بَيْنَ مَسائَيْنِ ابتِسَامات فَلَقْ
ريْمٌ لَهُ قُلُوبَنا مَراتِعٌ … غُصْنٌ لَهُ مَلَابِسُ الحُسْن وَرَقْ