للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

وسَألتُهُ عن مَوْلده، فقال لي: تَقْديرًا إلى هذا التَّاريخ ثَمانون سَنَة؛ فإنَّني أدْرَكتُ سَنَة ثلاثٍ وخَمْسين وخَمْسِمائة؛ وكان سُؤالي له في سَنَة إحْدَى وعِشْرين وستِّمائة، قال: ووُلِدتُ ببَغْدَاد. وتُوفِّي بحَلَب في تاسِع عَشر جُمَادَى الآخِرَة سَنَة ثَمانٍ وعِشْرين وستِّمائة، ودُفِنَ خارِج باب النَّصْر، في مَقْبرةِ مَشْهَد الدُّعاء.

وأنْشَدَنِي القاضِي أبو القَاسِم، أيَّدَهُ اللهُ تعالَى، قال: أنْشَدني أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن المُنْذِر، إمْلَاءً من لَفْظِه، لنَفْسهِ، في المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين يُوسُف بن أيُّوب رَضِي اللهُ عنه: [من الطويل]

بَدَتْ فَرَأيْتُ البَدْرَ في حُلَّةِ الصَّبَا … ومَاسَتْ فَخِلْتُ الغُصْنَ مَيَّلَهُ الصَّبَا

وهَزَّتْ قَوَامًا كالرُّدَيْنِيِّ وانْثَنَتْ … مُغَادِرةً قَلْبِي المُعَنَّى وقَد صَبَا

ورَاشَتْ نِبَالًا مِنْ جُفُونٍ وجَرَّدَتْ … حُسَامَ لِحَاظٍ فَلَّ صَبْرِي وما نَبَا

فَسَاوَمْتُها وَصْلًا فقالَتْ مُجيْبَةً … أخِلْتَ وِصَالَ الغَانِيَاتِ مُسَيَّبَا

إذا ما طَلَبْتَ الوَصْلَ منْهُنَّ لمْ تَجِدْ … إلى ذَهَبٍ يَوْمًا إلى ذاكَ مَذْهَبَا

وإنْ تَكُ ذا مَالٍ فأنْتَ الَّذي إِذًا … تُعِيْدُ بَعِيْدَ الشَّيءِ مِنْكَ مُقَرَّبا

فقُلْتُ لها إنِّي امْرُؤٌ ربعُ مالِهِ … غَدَا مُقْفِرًا منْ سَاكِنيْه مُخَرَّبا

فقالَتْ تَزَوَّدْ حُسْنَ ظَنِّكَ واصْطَحِبْ … رجَاءَكَ واجْعَلَ صِدْقَ قَصْدكَ مَرْكبا

إلى مَلِكٍ لَوْ لامَسَتْ كَفُّه الثَّرَى … لعَادَ الثَّرَى باللَّمْسِ في الحالِ مُخْصِبَا

إلى مَنْ لهُ أضْحَتْ لنا مِصْرُ جَنَّةً … ومَسْكَنُهَا مِنْ جَنَّةِ الخُلْدِ أطْيَبَا

وأنْشَدَنِي، قال: أنْشَدني أيضًا لنَفْسهِ من أبْياتٍ فيه: [من الكامل]

يا عَاذِلِيْ دَعْ عَنْكَ عَذْلَ الوَالِهِ … فالعَذْلُ مِنْكَ يَزِيْدُ في بَلْبَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>