للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

قال: وكان رَحِمَهُ اللهُ كَتَبَ رُقْعةً يَطْلبُ من ابن القَيْسَرانيّ أنْ يَكْتُبَ له صُوْرة ما يُدْعَى له به على المنَابِر حتَّى لا يَقُول الخَطيْب ما ليسَ فيه، ويَصُونَهُ عن الكَذِبِ، وعمَّا هو مُخالِف لحالِه. ونُسْخَةُ الوَرَقة بخَطِّ خَالِد:

أعْلَى اللهُ قَدْرَ المَوْلَى في الدَّارَيْن، وبَلَّغه آمَاله في نَفْسِه وذُرِّيَّته، وخَتَمَ له بخَيْر في العَاجِلةِ والآجلةِ، بمَنِّهِ وجُوْدِه وفَضْلِه وحَمْدِه.

وَقَفَ المَمْلُوكُ على الرُّقْعَةِ، وتَضاعَفَ دُعاؤه وابْتِهاله إلى الله تعالَى بأنْ يَرْضَى عنه وعن وَالدَيه، وأنْ يُسَهِّلَ له السُّلُوكَ إلى رِضاه، والقُرْب منه، والفَوْز عنده، إنَّهُ على كُلِّ شيءٍ قَدِير.

وقد رَأى المَمْلُوك ما يَعْرِضه على العَلَمِ الأشْرَف، زادَهُ اللهُ شَرَفًا، وهو أنْ يَذْكُر الخَطِيْب على المنْبَر إذا أرادَ الدُّعاء للمَوْلَى: اللَّهُمَّ أصْلِح عَبْدَكَ الفَقِير إلى رَحْمتكَ، الخاضِع لهَيْبَتكَ، المُعْتَصم بقُوَّتكَ، المُجاهِد في سَبِيْلكَ، المُرابِط لأعْدَاءِ دِيْنْكَ، أبا القَاسِم مَحْمُود بن زِنْكِي بن آق سُنْقُر، ناصرَ أمِيْر المُؤمنيْن؛ فإنَّ هذا جَمِيعه لا يَدْخُله كَذِبٌ، ولا تَزَيُّد، والرَّأي أعْلَى وأسْمَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى.

فكَتَبَ نُور الدِّين على رَأسِ الرُّقعة بخَطِّهِ ما هذا صُورته:

مَقْصُودِى أَلَّا يُكْذَبَ على المنْبَر، أنا بخِلَافِ كُلّ ما يُقال، أفْرَح بما لا أعْمَل، قِلَّة عَقْل عَظِيم! الَّذى كَتَبْتَ جَيِّدٌ هو، اكْتُب به نُسَخ حتَّى نُسَيِّرَهُ إلى جَمِيع البِلَاد.

وكَتَبَ في آخر الرُّقْعة:

ثُمَّ يَبْدؤوا بالدُّعاءِ: اللَّهُمَّ أَرِهُ الحَقَّ حَقًّا، اللَّهُمَّ أسْعدهُ، اللَّهُمَّ انْصُرهُ، الله وَفِّقهُ، من هذا الجِنْس.

<<  <  ج: ص:  >  >>