للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

وكان بين يَديْه في بعضِ اللَّيَالِي شَخْصٌ، فاسْتَأْذن ذلك الشَّخْص في طَلَبِ خَاله، فقال لَهُ السُّلْطان: كأَنَّك تقُول: ما يَطِيْب لي هذا المكان وهو خَالي من خَالِي.

وكان جمَاعَةٌ يُلقَّبُون بأسْماءِ الطُّيُور، ويَجْتَمعُونَ في مكان فيهِ لأغْرَاضِهم، فقال الجَماعَةُ: يَنْبَغِي أنْ نُسَمِّي هذا المكان الدَّوْحَة لأنَّ الطيُور تأوي إليْها، ثمَّ قالوا: لا؛ بل يَنْبَغِي أنْ يُسَمَّى الأيْكَة! فقال السُّلْطان: إنَّما عَدَلت عن الدَّوحَةِ إلى الأيْكة ليُقال {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} (١).

قال ابنُ العَدِيْم: كان ذات لَيْلَة في سَماع، وكأنَّهُ اسْتَطاب ذلك، وتَفَكَّر في نعْمَة الله عليه، فسَمِعْتُه وهو يَقُول {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} (٢)، وكانَ في يَدي بعض الجَماعَة شَمْعَة، وسَقَطَ الشَّمْعَدَان فِي تلكَ الحالة، وسُمِعَت لَهُ رنَّةٌ، فَسَمِعْتُه يَقُول: [من المديد]

ولها من نَفْسِها طَرَبُ … فلهَذا يَرْقصُ الحَبَبُ

وأُخْبِرَ مرَّةً أنَّ المُسْلِمين أخذُوا صَيْدًا، وأنَّ الفِرِنْج ألْقوا نُفُوسم في البَحْر لئَلَّا يُقْتلُوا ويُؤسَرا، فقال السُّلْطَان {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا} (٣).

وحَضَرَ إليه شَخْصٌ يُقال لهُ ابن اللَّهِيْب، ومعَهُ وَلدٌ له صَغِير، سَرِيع الحَرَكَة، كَثِير الحِدَّة، فَقال بعضُ الجَماعَة: هذا الصَّغِيرِ كأَنَّهُ شرَارة، وكانَ قد حضَر على يَدي الصَّغِير تُحَف غَرِيبَة، فَقال السُّلْطان: [من المجتث]

ابنُ اللَّهِيْب أتَانا … بكُلِّ مَعْنىً غَرِيبِ

ولَيْسَ ذا بعَجِيْب … شرَارةٌ من لَهيبِ" (٤)


(١) سورة الشُّعَراء، الآية ١٧٦.
(٢) سورة الأحْقاف الآية ١٥.
(٣) سورة نوح، الآية ٢٥.
(٤) الوافي بالوفيات ٢٩: ٣٠٧ - ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>