مَنْ أخَذَ نحو العِرَاق وأرضها فتديَّرُوها إلى يَوْمنا هذا، أرض الطِّيب (١) وقُرْقُوب (٢) وبَرِّ الرَّمْلَة (٣) وما وَالَى تلك الأرْض، وهُم أهْلُ وبَر ومَدَر، عالَمٌ كَثِيْرٌ، ومُلْكٌ عَظِيم؛ ومنهم مَنْ أخذَ نحو بلاد الشَّام فقَطن بلادَ دِمشْق، وهم أصْحَابُ مَدَر لا وَبَر، ومنهم منْ نَزَلَ أرضَ الكُوفَة إلى أرض البَصْرَة إلى الأحْسَاءِ وما وَالَى تلكَ الأرْض، ومنهم مَنْ أخذَ نحو نَهْر كَرْبَلَاء، ومنهم مَنْ جَزَّر، ومنهم مَن أخذَ نحو الشَّام السُّفْلَى؛ نحو أرْض حَلَب وما والَاها، فهُم بها إلى اليَوْم أهل مَدَر ووَبَر، وبهم تُعْرفُ تلك الأرْض فيُقالُ نُقْرَة بَني أَسَدٍ طَرف البَرّ، وكان نُزُولهم سَنَة سَبْع ومائتين للهِجْرة، فهُم بها إلى اليَوم.
قُلتُ: وفي زَمَننا لَم يبقَ من بَني أَسَدٍ في بَلَد حَلَب مَنْ يَنْزل بُيوتَ الوَبَر بل مَساكنهم المَدَرُ لا غير.
قال النَّسَّابَةُ: فمن قَبَائِل غَنْم بن ذُوْدَان بن أسَد: بَنُو دُهْمَان بن عَامِر بن غَنْم، وبنُو صالح، وهو قُلَيْع بن عَامِر؛ قَبِيلَةٌ، كانَ مَنْزلهُم الأَحَصّ طَرف البَرّ، وهُم أهْلُ مَدَر لا وَبَر، وبنُو حَبِيْبَة بن عَامِر؛ بَطْنٌ لا قَبِيلَة، وهُم أهْلُ مَدَر لا وَبَر، وكان مَنْزلهُم نحو بلادِ الشَّمَال بدَيْرٍ يُقالُ لهُ دَيْر قُزْمَان (a) .
(a) ضَبْطُهُ بحسب ما جوَّده به ابن العديم في غير هذا الموضع، ولم يذكره ياقوت في معجمه ولا في كتابه الذي رصد فيه الديارات "كتاب الخزل والدأل"، وإضافة لتحديد ابن العديم لموضعه بقرب عزاز من شماليها وشرقيها، فقد أورد في ترجمة الشاعر أبي القاسم بن عبدان المنبجي (الجزء العاشر) نقلًا عن كتاب الديرة للشمشاطي قوله: "دير قزمان شمالي حلب ما بين جبرين وتل خالد".